الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
تحوّل مصير النائب السابق في البرلمان التركي والسياسي الكردي، صلاح الدين دميرتاش، إلى محطة بارزة في عملية السلام الجارية بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، إذ يحظى الإفراج عنه بتأييد فرقاء السياسة، وسط حديث عن دور مهم يستطيع لعبه.
وتدعم أحزاب تركية منضوية في تحالفي الحكومة والمعارضة على حدٍّ سواء، إطلاق سراح ديميرتاش، علاوةً على كون إطلاق سراحه مطلبًا رئيسيًّا لأحزاب كردية في البرلمان التركي وحتى حزب العمال الكردستاني ذاته.
وعبّرت الحكومة التركية عن موقف إيجابي بشأن دميرتاش في أكثر من مناسبة خلال الفترة الماضية التي بدت فيها عملية السلام متعثرة أو تسير ببطء مع مطالبة الطرف الكردي بخطوات مقابلة من أنقرة لمبادراته في سحب مقاتليه من داخل تركيا ومن ثم من المنطقة الحدودية.
وقال وزير العدل التركي، يلماز تونتش، إن قرار الإفراج عن دميرتاش المسجون منذ العام 2016، بأكثر من قضية على صلة بحزب العمال الكردستاني، بيد القضاء التركي حاليًّا، وننتظر قرار المحكمة الإقليمية في أنقرة.
وأشار تونتش الذي كان يتحدث للصحفيين، يوم أمس الثلاثاء، إلى قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أصدرت حكمًا يعتبر سجن دميرتاش انتهاكًا لحقوقه القانونية ويستند إلى مبررات سياسية، في انتهاك للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها أنقرة.
وأضاف الوزير تونتش أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رفضت مؤخرًا الاعتراض التركي على القرار، وبات حكمها نهائيًّا، وأرسل إلى محكمة العدل الإقليمية في أنقرة للنظر فيه.
ولم يظهر اعتراض من أي جهة سياسية بارزة على إطلاق سراح دميرتاش، كما هي حال مطلب حزب العمال الكردستاني، بتخفيف القيود عن زعيمه المسجون في تركيا، عبدالله أوجلان، والتفاوض معه بشكل مباشر، وهو مطلب قوبل باعتراض وتردد كبيرين من الأحزاب التركية.
وقال المحلل السياسي التركي، علي أسمر، إن قرار الإفراج عن دميرتاش قد اتخذ فيما يبدو، وينتظر المعاملات الروتينية للقضاء التركي، مستشهدًا بتصريحات إيجابية حول القضية، أدلى بها في الأيام الماضية، الرئيس رجب طيب أردوغان وحليفه رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي.
وأضاف أسمر الذي كان يتحدث من إسطنبول، أن دور دميرتاش سوف يكون إيجابيًّا في عملية السلام الجارية، عبر تقريب وجهات النظر وبعث الأمل والثقة بين الطرفين خلال هذا المسار الطويل، الذي لديه تحديات وعثرات كثيرة.
وأوضح أسمر لـ"إرم نيوز" أن الإفراج عن دميرتاش، يعني أن تركيا دخلت بمرحلة جديدة أو حلقة جديدة في عملية السلام، حيث سيوكل له دور إيجابي في عملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني والتعامل معه.
ويرى أسمر أن عملية السلام الحالية التي تستهدف نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، فيها جوانب وتبعات قضائية تحتاج لقائد مثل دميرتاش، مشيرًا لمصير قادة ومقاتلي الحزب، ومن منهم سيواجه السجن ومن يستطيع العودة إلى تركيا والاندماج في المجتمع.
وأدانت محكمة تركية، دميرتاش عام 2018 بتهمة "الدعاية الإرهابية" وقضت بسجنه 4 أعوام و8 أشهر، فيما قضت محكمة أخرى عام 2024 بسجنه 42 عامًا، على خلفية دوره المزعوم في احتجاجات عنيفة خلّفت قتلى في 2014.
وعند اعتقاله عام 2016، كان دميرتاش يشغل منصب الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، المنحل حاليًّا، الذي حصل على 13% من الأصوات في انتخابات عام 2015، وصار أول حزب كردي يدخل البرلمان في تاريخ تركيا.
لكن السلطات أوقفت دميرتاش في العام التالي مع مسؤولين نواب في الحزب بتهمة التعاون مع حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة حتى اليوم، "إرهابيًّا" بينما تستهدف عملية السلام الجارية حله وإلقاء مقاتليه للسلاح، ومن ثم إقرار تشريعات وحتى دستور جديد يتيح لهم الانخراط في الحياة السياسية والاندماج في المجتمع.
وبدأ دميرتاش بالتفاعل مع تطورات عملية السلام في الفترة الماضية من داخل سجنه في محافظة "أدرنة" بشمال غرب تركيا، عبر رسائل أو تصريحات ينقلها من يلتقي به في السجن.
بينما ورد طلب الإفراج عن دميرتاش عدة مرات وجنباً إلى جنب مع طلب تخفيف قيود سجن أوجلان، في خطابات ودعوات حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب" التركي المقرب من الأكراد، الذي يقود جهود الوساطة بين أنقرة وأوجلان.
وانطلقت دعوة السلام وإنهاء صراع بدأ قبل نحو نصف قرن، بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، منذ عام تقريبًا، ومنذ ذلك الحين شهدت العملية محطات عديدة، بينها انسحابات عسكرية لمقاتلي الحزب، ونقاشات واسعة في الداخل التركي، دون أن يكون هناك زمن محدد لنهاية العملية.