رغم ترحيب باريس والاتحاد الأفريقي والشركاء الإقليميين بالاتفاق الإطاري الموقّع في الدوحة بين كينشاسا وحركة "إم23 "، إلا أنه يواجه صعوبة في تحقيق نتائج ملموسة.
ولا تزال آليات وقف إطلاق النار معطلة بعد أيام قليلة من توقيع الاتفاق الإطاري، مما سلط الضوء على مضمون البروتوكولات التي تحتاج إلى التفاوض حتى 29 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2025 على أبعد تقدير.
وفي الوقت الراهن، لا يزال الذعر وانعدام الثقة ملموسين، وتستمر المعارك بشكل متقطع في شمال وجنوب كيفو، وسط معاناة السكان من الآثار اليومية للقتال والتوترات.
وبينما وصفت كينشاسا الاتفاق بـ"الخطوة الحاسمة نحو سلام عادل وشامل ودائم"، رحبت كيغالي أيضًا بالتوقيع، واعتبرته "خطوة مهمة" نحو حل الأسباب الجذرية للصراع.
ومن بين البروتوكولات الثمانية، التي كان من المقرر أن تُشكل الاتفاق النهائي، لم يُوقّع سوى اثنين منها خلال ثلاثة أشهر، منذ توقيع الاتفاق الأول برعاية قطرية وأمريكية، وهو بروتوكول إطلاق سراح السجناء، وبروتوكول مراقبة وقف إطلاق النار والتحقق منه.
ولم تُفعّل هاتان الآليتان بعد، كما لم يتم تبادل الأسرى، ولم تُعقد آلية التحقق سوى اجتماع واحد، اقتصر على اتصال أولي، في وقت غابت بعض الأطراف، وسيكون التفاوض على البروتوكولات المتبقية أكثر صعوبةً نظرًا لطبيعة المواضيع التي تتناولها.
وأشرفت الوساطة القطرية، بدعم من الولايات المتحدة عبر المبعوث الأمريكي مسعد بولس، على العملية التفاوضية، التي تُعدّ جزءًا من سلسلة محادثات بدأت في نيسان/أبريل الماضي.
ووفقًا للمراقبين، فإن الاتفاقية الإطارية ستظل بحاجة إلى توضيح بشأن جوانب رئيسية، على رأسها، استعادة سلطة الدولة، والترتيبات الأمنية، وتسريح المقاتلين وإعادة دمجهم، ووصول المساعدات الإنسانية، وعودة النازحين.
وأكد المستشار الخاص للرئيس الأمريكي لشؤون أفريقيا، بولس، قائلاً: "ربما توقع الناس رؤية نتائج فورية، لكن هذه عملية مستمرة". مضيفًا: "ليس الأمر سهلًا"، محذرًا من الأمل في تهدئة فورية.
وفي كينشاسا، يشير خبراء قانونيون ومحللون إلى خلل في حصد نتائج اتفاق الدوحة، إذ تريد كينشاسا استعادة تدريجية ومنسقة لمؤسساتها في جميع أنحاء شرق البلاد، بينما ترفض حركة "إم23" التخلي عن السيطرة على المناطق التي احتلتها منذ عام 2021.
كما تُشكّل مسألة إعادة فتح مطار غوما جزئيًّا مصدر توتر رئيسي، حيث تدّعي حركة "إم23" السيطرة الحصرية، وتعارض رواندا أي إعادة فتح دون موافقتها.
من جهة أخرى، تُعدّ عودة النازحين واللاجئين نقطة خلاف أخرى. وقد جرت بالفعل عدة عمليات عودة دون إطار رسمي، مما أثار شكوكًا في كينشاسا بشأن جنسية بعض الأفراد وهوياتهم. في غضون ذلك، لا تزال المناقشات المتعلقة بالعدالة الانتقالية ونزع السلاح وإعادة دمج المقاتلين بعيدة عن الانتهاء.
ووسط ترحيب حذر من المجتمع الدولي بالتوقيع، تحدثت باريس عن "فرصة حقيقية للسلام"، أما الاتحاد الأفريقي وصفه بأنه "تقدم ملحوظ"، بينما دعت بلجيكا إلى الحفاظ على زخم المفاوضات.
بدوره تولى الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسكيدي رئاسة المؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات الكبرى في سياق دبلوماسي متوتر؛ فمن بين الدول الأعضاء الـ12، لم تُمثَّل سوى أربع دول على المستوى الرئاسي، إذ رفضت رواندا وكينيا الدعوة، وظلت المنطقة الفرعية منقسمة بشأن النزاع.
ويأمل المفاوضون في وضع اللمسات الأخيرة على البروتوكولات والتوصل إلى اتفاق شامل بحلول نهاية نوفمبر، قبل القمة المقرر عقدها في واشنطن بين فيليكس تشيسكيدي والرئيس الرواندي بول كاغامي، بوساطة أمريكية.