logo
العالم

تعيد رسم التحالفات.. استراتيجية ترامب الجديدة تفتح الباب لـ"صفقة كبرى" مع موسكو

لقاء سابق بين ترامب وبوتينالمصدر: رويترز

تشهد العلاقات الروسية الأمريكية تحولًا واضحًا، بعدما قررت إدارة الرئيس دونالد ترامب مراجعة استراتيجية الأمن القومي، والتوقف عن وصف روسيا بأنها "تهديد مباشر"، ما يعكس تراجعًا في لغة المواجهة التقليدية، ويفتح الباب أمام تعاون محدود بين البلدين.

ورحبت موسكو باستراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة، معتبرة أن التعديلات "تتماشى إلى حد بعيد" مع رؤيتها، وفق ما أكده المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف. 

وأضاف أن التغييرات تمثل فرصة للاستمرار في عمل مشترك بصورة بناءة لإيجاد تسوية سلمية في أوكرانيا، وأن الرئيس ترامب يتمتع حاليًا بموقع قوي على صعيد السياسة الداخلية، ما يمنحه القدرة على تعديل المفاهيم لتتناسب مع رؤيته الواقعية للسياسة الخارجية.

وتأتي هذه الخطوة في وقت كان فيه مسؤولون أوكرانيون يجرون مفاوضات مع موفدين من إدارة ترامب بشأن إنهاء الحرب التي اندلعت في فبراير/شباط عام 2022، إلا أن المحادثات لم تسفر عن تقدم ملموس حتى الآن. 

 

أخبار ذات علاقة

عسكري روسي في دونباس

خبراء: روسيا تستعجل الحسم في دونباس كورقة قوة قبل بدء المفاوضات

ورغم أن وثيقة الأمن القومي الجديدة تركز على شعار "أمريكا أولًا"، وتعيد ترتيب الأولويات نحو أمريكا اللاتينية ومكافحة الهجرة، فإنها تشدد على منع القوى الأخرى من الهيمنة، من دون الحاجة إلى استنزاف الموارد أو الانخراط في صراعات واسعة.

وكشفت الوثيقة أن واشنطن ستسعى إلى حل سريع للصراع في أوكرانيا، مع إعادة إرساء "الاستقرار الاستراتيجي" مع موسكو، ويظل التصرف الروسي في أوكرانيا مصدر قلق أمني رئيس. 

ويراقب الحلفاء الأوروبيون من كثب هذا التحول، إذ يثير تخوفهم من أن اللغة الأكثر مرونة تجاه روسيا قد تُضعف جهود الردع، في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، وتجعل إدارة التوازن بين المصالح الأوروبية والأمريكية تحديًا متزايدًا على الساحة الدولية.

ويرى الخبراء أن الولايات المتحدة بدأت تراجع استراتيجيتها الأمنية، من "تهديد مباشر" لروسيا إلى النظر إليها كشريك محتمل، خاصة أن موسكو اعتمدت على تعزيز تحالفاتها مع الصين والهند ودول العالم الثالث، وفي الوقت نفسه تحاول الإدارة الأمريكية استخدام أدوات اقتصادية ودبلوماسية لم تعد فعّالة. 

وأكد الخبراء أن العلاقة بين واشنطن وموسكو أصبحت أكثر تعقيدًا، وأن التركيز الرئيسي أصبح على إدارة الشراكة المحتملة بدل الصراع المباشر، مع إدراك روسيا صعوبة الثقة بالغرب مستقبلًا. 

أخبار ذات علاقة

المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف

الكرملين يشيد بتخلي إدارة ترامب عن تصنيف روسيا “تهديدًا مباشرًا”

التحالفات الجديدة

في هذا السياق، قال مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات في روسيا، د. آصف ملحم، إنه من الضروري التذكير بأن الاستراتيجية الأمنية الأمريكية التي وضعها الرئيس دونالد ترامب في ولايته الأولى عام 2018 وصفت الصين وروسيا بأنهما تهديد للحضارة والازدهار الأمريكي. 

وأضاف ملحم، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن التطورات الحالية في ولاية ترامب الحالية تُظهر أن روسيا والصين استطاعتا بناء تحالفات قوية وجذب عدد من الدول، خاصة في العالم الثالث، والتي كانت سابقًا داعمة للولايات المتحدة لكنها بدأت تتراجع نحو التحالفات الجديدة.

وأوضح أن واشنطن لا تزال تستخدم أساليب الحرب العالمية الثانية في إدارة النزاعات، عبر نشر القلق والصراعات و"ابتزاز" الدول المنافسة، مؤكدًا أن هذه الأساليب لم تعد مجدية، وأن زمن القوة العسكرية وحدها انتهى. 

وأكد ملحم أن التحالف الثلاثي بين الهند، والصين، وروسيا، أصبح يشكل تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة، خاصة مع تعميق العلاقات بين موسكو ونيودلهي، وتطور الممرات البرية والبحرية بين هذه الدول.

وأشار إلى أن الشعب الروسي يميل ثقافيًا إلى الحضارة الأوروبية، واللغة الروسية جزء من المنظومة الحضارية الأوروبية، مع إدراك الروس لمحاولات الغرب "استمالتهم" اقتصاديًا، لكنها أصبحت أقل جدوى، خاصة بعد التغيرات المحتملة في السياسة الأمريكية. 

وأكد ملحم أن الأفضل لروسيا أن تبقى ضمن محيطها الجغرافي والحضاري مع الصين والهند وآسيا الوسطى والعالم العربي، إذ ستشكل هذه الدائرة الأولوية في مستقبلها القريب والمتوسط والبعيد.

أخبار ذات علاقة

الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والصيني شي جين بينغ خلال لقاء سابق

ترامب والصين.. واشنطن تسقط "التحدي الأعظم" من استراتيجيتها الأمنية

الارتهان للصين

من جانبه، قال الدبلوماسي الأمريكي السابق، باتريك ثيروس، إن الرئيس ترامب ظل منذ فترة طويلة يؤمن بأن روسيا تُعد حليفًا محتملًا وشريكًا تجاريًا ممكنًا للولايات المتحدة. 

وأضاف ثيروس، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن ترامب عبّر في بعض المناسبات عن مخاوفه من أن تؤدي السياسة الأمريكية إلى دفع روسيا نحو الارتهان للصين، مشيرًا إلى أن وجهات النظر التي يتبناها ترامب تحمل قدرًا من المنطق.

وأكد أن الكثيرين يعتقدون أن تطبيق تلك السياسات يعاني مشكلات عميقة، وأن ترامب يرى أن العلاقات بين الدول تبدأ من علاقة جيدة بين الزعيمين، على أن يتولى المسؤولون والموظفون لاحقًا ملء التفاصيل وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.

وأشار ثيروس إلى أن روسيا لا تعمل بهذه الطريقة، إذ يميل الروس، مثل أغلب الأوروبيين، إلى الالتزام بالتفاصيل الدقيقة والآليات الرسمية، إذ تُعطى التعليمات العامة للبيروقراطية للتفاوض حول جميع القضايا العالقة بين البلدين، من دون أن يتحمّل القادة المسؤولية المباشرة قبل استكمال التفاصيل كافة.

وأوضح ثيروس أن مواجهة الصين ليست الهدف الجوهري في رؤية ترامب، بل هي نتيجة جانبية للعلاقة التي يحاول بناءها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وليست المحور الأساسي للسياسة كما يظن البعض.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC