تستعد بنغلاديش لإجراء أول انتخابات وطنية منذ الانتفاضة الطلابية التي أطاحت بالزعيمة الشيخة حسينة في أغسطس/آب 2024، والتي أنهت فترة طويلة من هيمنة حزب رابطة عوامي على المشهد السياسي.
في ظل حكومة انتقالية يقودها الحائز على جائزة نوبل محمد يونس، تشكل هذه الانتخابات اختبارًا حقيقيًّا لإعادة الديمقراطية واستقرار البلاد سياسيًّا واقتصاديًّا، بحسب مجلة "Modern Diplomacy".
الأحزاب السياسية وتوزع النفوذ
يشكل الحزب الوطني البنغلاديشي بقيادة رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء المرشح الأوفر حظًّا للفوز، رغم التحديات الصحية وغياب ابنها المنفي طارق رحمن، الذي يعتزم العودة قبل الانتخابات.
ويبرز حزب الجماعة الإسلامية كقوة ثانية متنامية، إذ يعيد نفسه بعد عقود من الحظر، ويركز على تطبيق الشريعة الإسلامية وتعزيز جهود مكافحة الفساد.
في المقابل، يحاول حزب المواطن الوطني، الذي أسسه قادة طلابيون من حركة الانتفاضة، تحويل شعبيته الشبابية إلى قوة سياسية ملموسة.
ويقدّم زعيم الحزب ناهد إسلام برنامجًا انتخابيًّا من 24 بندًا، يشمل إصلاح القضاء، وتوسيع نطاق التعليم والرعاية الصحية، والتكيف مع تداعيات تغير المناخ.
تتسم الساحة السياسية بالتحولات غير التقليدية نتيجة منع حزب رابطة عوامي، ما يمنح الأحزاب الجديدة الفرصة لإعادة تشكيل الخارطة السياسية.
القضايا الرئيسة والمحاور الانتخابية
تدور الانتخابات حول استعادة الديمقراطية الحقيقية عبر استفتاء وطني على "ميثاق يوليو"، الذي يتضمن تمثيل المرأة، وتحديد فترات ولاية رؤساء الوزراء، واستقلال القضاء.
كما تشكل الاستقرار الاقتصادي محورًا حيويًّا، ولا سيما في قطاع الملابس الموجهة للتصدير، الذي يعدّ شريانًا رئيسًا للاقتصاد البنغلاديشي.
تواجه الحكومة الانتقالية تحديات كبيرة في إصلاح العلاقات الخارجية، خصوصًا مع الهند، مع موازنة الدور المتزايد للصين في الاستثمار والبنية التحتية.
إضافة إلى ذلك، تبقى مكافحة الفساد وضمان حرية الصحافة والإصلاح القضائي من أبرز الملفات الحساسة، التي ستحدد قدرة الدولة على توطيد مؤسساتها الديمقراطية.
تمثل انتخابات فبراير 2025 منعطفًا محوريًّا لمسار الديمقراطية في بنغلاديش؛ إذ أدى غياب حزب رابطة عوامي إلى تعطيل الديناميكيات التقليدية، ما منح الحزب الوطني البنغلاديشي والجماعة الإسلامية الفرصة لتوسيع نفوذهما بسرعة.
يبقى تأثير الحزب الشيوعي الوطني وطلاب الانتفاضة محدودًا على المدى الفوري؛ بسبب ضعف التنظيم، لكنه يعكس استمرار قوة المجتمع المدني ونشاط الشباب في صياغة السياسة الوطنية.
واقتصاديًّا، تحتاج الحكومة الجديدة إلى استعادة ثقة المستثمرين ودعم صناعة الملابس الحيوية للتصدير.
سيكون التحدي الأكبر على المستوى الخارجي هو إدارة العلاقات مع الهند وموازنة الدور الصيني المتنامي، في حين ستحدد نتائج الانتخابات مسار استقلال القضاء وحماية حرية الصحافة، فضلًا عن فعالية برامج مكافحة الفساد.
وبحسب مراقبين، فإن نجاح الانتخابات سيكون مؤشرًا رئيسًا على قدرة بنغلاديش على تحقيق انتقال ديمقراطي مستدام واستقرار مؤسسي طويل الأمد.