تصدر إعلان ريشي سوناك رئيسًا جديدًا للحكومة البريطانية وزعيمًا لحزب المحافظين الحاكم، عناوين أبرز الصحف العالمية الصادرة صباح الثلاثاء، والتي تحدثت عن تحديات هائلة قد يواجهها وزير المالية السابق فور بدء مهامه رسميًّا.
وتساءلت صحيفة "التايمز" البريطانية حول ما يمكن أن يقدمه سوناك كرئيس للوزراء في قضايا ملحة تنتظره؛ أبرزها الإصلاحات الاقتصادية، والحرب في أوكرانيا، وانقسام حزب المحافظين.
وذكرت الصحيفة – في تحليل إخباري لها - أن المشكلات التي تواجه بريطانيا لم تبدد بأي حال من الأحوال بتتويج خليفة ليز تراس. وقالت إنه بينما يفكر في القرارات اللازمة لاستعادة المصداقية الاقتصادية، يرث سوناك حزبًا ممزقًا بسبب الاقتتال الداخلي.
سوناك.. "ملفات شائكة" في الانتظار
وأضافت أن ملفات الحرب في أوكرانيا، وأزمة الطاقة، وإضرابات القطاع العام، وأزمة الشتاء في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (إن إتش إس) تعد أبرز التحديات التي تنتظر رئيس الوزراء الجديد. وتساءلت الصحيفة "إذن ما القضايا الحاسمة التي يواجهها سوناك وكيف سيتعامل معها؟"
وبدأت الصحيفة بأزمة "الإجراءات التقشفية الإضافية"، إذ قالت إن المشكلة حتى بعد أن قام وزير المالية، جيريمي هانت، بإلغاء ميزانية تراس المصغرة "الكارثية"، لا تزال بريطانيا تواجه معضلة كبيرة بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني في مواردها المالية بحلول عامي 2026 و2027.
ورأت أنه سيتعين على سوناك القيام بالمهمة الصعبة المتمثلة في تحديد المكان المحدد لخفض الإنفاق الحكومي، لكنها أشارت إلى أنه من غير المرجح أن يقبل نواب حزب المحافظين مزيدًا من إجراءات التقشف، موضحة أن سوناك أشار بالفعل إلى استعداده لخفض الإنفاق الدفاعي.
وعن أزمة "توحيد حزب المحافظين"، قالت الصحيفة إنه بعد 12 عامًا في السلطة، أثبت الحزب أنه غير قابل للحكم طوال معظم العام الماضي، مشيرة إلى أن سوناك يواجه تحديًا في الحصول على مزيج يحتمل ألا يحظى بشعبية من التخفيضات والزيادات الضريبية من خلال البرلمان.
وأضافت أن سوناك قد جادل أمس بأنه "دون الوحدة لا يوجد أمل في حل الأزمات". ونقلت عنه قوله إلى "لجنة 1922" فور إعلانه زعيمًا "يجب أن تتحدوا أو تموتوا".
وعن ملف الهجرة، قالت "التايمز" إنه يجب أن يقرر سوناك ما إذا كان سيمضي قدمًا في خطط تراس لتخفيف الضوابط لتحفيز النمو. وأضافت أنه في حين أن هذا من شأنه أن يعزز توقعات النمو، فإنه من شأنه أيضاً أن يكسر التزام البيان بخفض الهجرة الإجمالية ويخاطر بإثارة رد فعل عنيف من اليمين.
وعن أكثر الملفات تحديًا، قالت الصحيفة إن الأزمة الأوكرانية ستحدد رئاسة وزراء سوناك بشكل كبير، خاصة في ضوء التصعيد الأخير من جانب روسيا التي اتهمت الغرب بمساعدة أوكرانيا في الحصول على "قنبلة قذرة" لاستخدامها ضد قواتها في ساحات القتال.
وذكرت أنه كجزء من حملة خفض التكاليف، من المرجح أن يتخلى سوناك عن وعد تراس بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العقد. وأضافت "ومع ذلك، قد يجد صعوبة في تبرير التخفيضات في الإنفاق الدفاعي إذا ساء الوضع في أوكرانيا."
وتابعت "من المقرر أن يتخذ سوناك قرارات إنفاق كبيرة في غضون أيام، لكنه قد يستنتج أنه من الحكمة الانتظار بضعة أشهر قبل اتخاذ أي قرار بشأن الإنفاق الدفاعي لمعرفة ما سيحدث مع الغزو المتعثر".
"القنلبة القذرة" لأوكرانيا.. ومخاوف غربية
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إن الغرب يرى أن مزاعم روسيا بشأن "القنبلة القذرة" ذريعة لتصعيد محتمل في أوكرانيا، إذ سارعت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى دحض "اتهامات" موسكو بأن كييف تخطط لاستخدام السلاح في ساحات القتال.
وذكرت أن سلسلة المكالمات الهاتفية التي أجراها وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، مع نظرائه الغربيين أمس الأول، وحذر فيها من هجوم وشيك "بالقنبلة القذرة"، قد أدت إلى دق أجراس الإنذار في العواصم الغربية، حيث يتصاعد التوتر بشأن تهديدات موسكو باستخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا.
وأضافت الصحيفة أن التهديد - الذي اعتبرته كل من واشنطن وباريس ولندن محاولة لتمهيد الطريق لهجوم "علم زائف" يُلقى باللوم فيه على أوكرانيا - زاد المخاوف من أن الحرب ستصبح نووية، إذ يحذر المحللون من أن الرسالة كان مفادها أنه بغض النظر عن الأسلحة المستخدمة، يجب على أوكرانيا الاستعداد لمزيد من التصعيد.
ونقلت "فاينانشال تايمز" عن محللين عسكريين قولهم "أوكرانيا ليس لديها حاجة ولا القدرة على استخدام قنبلة قذرة. روسيا هي التي تخسر. القلق هو أن موسكو قد تستخدم الادعاء بأن كييف تستعد لاستخدام قنبلة قذرة، كذريعة لهجومها الوقائي والتصعيد."
وأضاف المحللون، في حديثهم مع الصحيفة، أن تصريح شويغو بأن الحرب أصبحت "خارجة عن السيطرة" هو "نوع من الصياغة التي تهدف إلى تخويف الناس".
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد بيان حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمس الإثنين، بشأن رفض الرواية الروسية حول "القنبلة القذرة"، واصلت روسيا التمسك بخطتها الخاصة، إذ قالت وزارة دفاعها إنها "جهزت القوات والقدرات" للتعامل مع تداعيات التلوث الإشعاعي.
وتابعت "ثم قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إن موسكو سترفع مزاعمها بوجود قنبلة قذرة إلى الأمم المتحدة. وأجرى قائد القوات المسلحة الروسية، فاليري جيراسيموف، مكالمات هاتفية مع نظيريه البريطاني والأمريكي لمناقشة هذه المزاعم."
في غضون ذلك، قال مسؤولان غربيان لصحيفة "فاينانشال" إنهما يعتقدان أن التهديدات الروسية كانت وسيلة للحفاظ على المخاوف في الغرب من وقوع حدث نووي محتمل في أوكرانيا، بالنظر إلى الطبيعة المنسقة للتحذير، واختبار كيفية استجابة العواصم الغربية.
وكانت قوى "الناتو" حذرت من أن أي استخدام للأسلحة النووية من قبل روسيا سيقابل "بعواقب وخيمة" على موسكو، واقترحت أنه إذا كان التأثير الإشعاعي سيؤثر على عضو في الحلف العسكري، فقد يطلق بند الدفاع المشترك ردًّا على ذلك.
ووفقًا لتحليل الصحيفة البريطانية، أدت مكالمات شويغو إلى انقسام المحللين، الذين شددوا على أن كسر موسكو للمحرمات النووية سيحقق نتائج عسكرية محدودة.
وقال محلل عسكري غربي "بالطبع، يمكن أن يكون شويغو يضاعف من خدعة بوتين النووية. لكن اللغة كانت مقلقة، إذ قال شويغو إن الغرب (يسهل) صناعة القنبلة القذرة المزعومة."
ووفقًا للصحيفة، يعتقد محللون آخرون أن شويغو كان يسعى لـ"تخويف" مؤيدي أوكرانيا الغربيين وتوسيع الانقسامات داخل حلف الناتو العسكري، بعد مزاعم سابقة مماثلة حول خطط كييف المفترضة لاستخدام أسلحة الدمار الشامل.
الصين.. "شي" يواجه تحديات اقتصادية هائلة
من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن الرئيس الصيني، شي جينبينغ، يواجه تحديات اقتصادية هائلة، على الرغم من تشديد قبضته على السلطة وسيطرته على الحزب الشيوعي الحاكم إلى درجة غير مسبوقة منذ عهد الرئيس الأسبق ماو تسي تونغ.
وقالت الصحيفة إن شي، الذي حصل، الأحد، على ولاية رئاسية ثالثة تاريخية، أصبح آمنًا في السلطة، لكن سيكون التحدي الذي يواجهه الآن هو إظهار قدرته على إدارة اقتصاد ضعيف بشكل كبير هذا العام بمهارة، إذ أعرب اقتصاديون عن قلقهم من أن الدور الأكبر للدولة سيكون ذا أولوية.
وأضافت أنه في الوقت الذي بدا فيه أن تخفيف قواعد جائحة كورونا الصارمة ومساعدة قطاع العقارات يمكن أن يؤديا إلى تعزيز النمو الاقتصادي، تراجعت الأسواق الصينية أمس بعد أن أطلقت بكين قيادة حزبية مليئة بالموالين لشي، وقالت الحكومة إن الاقتصاد توسع بنسبة 3.9٪ في الربع الثالث من العام الجاري.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بينما كان الرقم أعلى من توقعات الاقتصاديين، فقد ترك ذلك النمو في الأشهر التسعة الأولى من السنة عند 3.0٪، ما يضع الصين على خطى تفشل في تحقيق هدفها الرسمي للعام بأكمله عند 5.5٪ بهامش كبير.
ووفقًا لـ"وول ستريت جورنال"، أظهرت بيانات أخرى صدرت أمس تباطؤًا في الطلب المحلي، وتراجع الصادرات وأسعار المساكن التي تراجعت إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من سبع سنوات في سبتمبر الماضي.
وأوضحت الصحيفة "تشمل الخطوات التي يمكن أن يتخذها تخفيف القواعد الصارمة التي تفرضها الدولة حول الجائحة، والتي فرضت عمليات الإغلاق وأبطأت النشاط التجاري، والمزيد من الدعم لسوق العقارات المتعثر في البلاد، بما في ذلك عمليات الإنقاذ المحتملة للمطورين المتعثرين."
وأضافت "يعتقد العديد من الاقتصاديين أن شي سيتخذ نهجًا مختلفًا، مع إعطاء الأولوية للأهداف السياسية، بدلًا من خطوات أكثر واقعية لضمان انتعاش قوي. وفسر المحللون تحرك شي لترقية العديد من الحلفاء إلى مناصب قيادية عليا في مؤتمر الحزب على أنه علامة على أن تصحيح المسار الرئيس ليس وشيكًا."
وقالت الصحيفة "السؤال الأكبر هو متى سيلين شي حول سياسة (صفر كوفيد)، والتي يعتقد العديد من الاقتصاديين أنها مدفوعة جزئيًّا بالرغبة في إظهار تفوق حكم الحزب الشيوعي على الأساليب الغربية تجاه الفيروس."
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن جوليان إيفانز-بريتشارد، كبير الاقتصاديين الصينيين في "كابيتال إيكونوميكس"، قوله إنه يعتقد أن أي تخفيف ذي مغزى لسياسة "صفر كوفيد" لن يأتي قبل عام 2024، وذلك بعدما دافعت وسائل الإعلام الحكومية الصينية عن الحاجة إلى الالتزام بسياسات كوفيد الحالية في مقالات نُشرت الشهر الجاري.
وأضافت الصحيفة "السؤال الكبير الآخر هو ما إذا كان الرئيس شي سيتخذ المزيد من الخطوات الحاسمة لوقف الانهيار البطيء في سوق الإسكان الذي بدأ يتكشف منذ أكثر من عام. أظهر شي حتى الآن اهتمامًا محدودًا بإحياء القطاع، الذي يخشى العديد من الاقتصاديين والمسؤولين الصينيين أنه تحول إلى فقاعة يجب احتواؤها."
وتابعت "على الرغم من التحديات التي تواجهها الصين، لا يزال العديد من الاقتصاديين يعتقدون أن الناتج المحلي الإجمالي سيتوسع بنسبة تزيد عن 4٪ العام المقبل. ويعتقد الخبراء أن شي سيتحول إلى مسار أكثر واقعية الآن بعد أن أصبح أكثر أمانًا في السلطة، وتحقيق توازن أفضل بين حماية الصحة العامة وتسهيل الانتعاش الاقتصادي."