ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا العسكرية وتتراجع فيه المساحات الآمنة، تمضي روسيا والصين بخطى واثقة لبناء جدار دفاعي مشترك في مواجهة شبكة الصواريخ والدفاعات الأمريكية المنتشرة حول العالم.
وجاءت تدريباتهما الأخيرة المضادة للصواريخ، التي أُجريت في موقع غير معلن داخل روسيا مطلع ديسمبر، كإشارة إضافية إلى تحالف عسكري يتجاوز حدود التنسيق التقليدي، ليمسّ حسابات الأمن الإقليمي والإنساني في آن معاً، بحسب مجلة "نيوزويك".
ورغم تأكيد وزارة الدفاع الصينية أن التدريبات "لا تستهدف أي طرف ثالث"، فإن سياقها الدولي يضعها مباشرة في قلب التنافس بين القوى الكبرى، حيث يسعى كل طرف لإثبات قدرته على حماية مجتمعاته من تهديدات قد تأتي بسرعة تفوق قدرة الإنسان على الاستيعاب.
ومنذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا عام 2022، تعمقت علاقة موسكو وبكين إلى مستوى وصفته روسيا بأنه شراكة "بلا حدود".
تنعكس هذه العلاقة اليوم في تعاون دفاعي متقدم يشمل الدوريات الجوية المشتركة والتخطيط للرد على الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى، التي باتت تنتشر على مقربة من حدود البلدين.
تُنشر صواريخ أمريكية جديدة في اليابان والفلبين، مع خطط لنشرها في ألمانيا العام المقبل ضمن مشروع دفاعي واسع يُعرف باسم "القبة الذهبية"، بينما يشعر ملايين المدنيين في آسيا وأوروبا بأن مصائرهم تتحول إلى أرقام في معادلات الردع.
ويرى خبراء روس أن هذه المناورات تعكس "ثقة متبادلة تتنامى" بين بكين وموسكو.
كما أوضح الباحث دميتري ستيفانوفيتش أن روسيا تمتلك خبرة نادرة في مواجهة الأسلحة الغربية، من الطائرات المسيّرة وصولاً إلى الصواريخ بعيدة المدى؛ وهو ما يشكل مكسباً ثميناً للجيش الصيني الطامح لتعزيز قدرته على حماية أراضيه وسكانه.
وفي ظل انتشار منظومات دفاعية متقدمة لدى خصومهما، تخشى الصين وروسيا أن تتحول قدراتهما النووية والصاروخية إلى أهداف مكشوفة؛ لذلك، يُنظر إلى المناورات كخطوة لردع أي محاولة لفرض ميزان قوى غير متكافئ.
سباق تسلح بلا نهاية
تقرير للبنتاغون يؤكد أن بكين تتعلم من الحرب في أوكرانيا، ليس فقط في التكتيكات العسكرية، بل أيضاً في كيفية بناء اقتصاد قادر على الصمود أمام العقوبات.
ومع استمرار الضغوط المتبادلة بين القوى الكبرى تتوسع التحالفات، وتتسارع مشاريع التسليح، ويتراجع الحديث عن السلام وحماية المدنيين إلى الخلفية.
تظلّ الأسئلة الإنسانية معلّقة: من يضمن أن تبقى هذه التحركات مجرد تدريبات؟ ومتى يتحول خطأ حسابي إلى شرارة تهدد مدنا لا علاقة لها بالصراع؟
وفي الوقت نفسه، تتجه الشراكة الروسية–الصينية نحو تعزيز التعاون العسكري في مواجهة حلف الناتو في أوروبا وشبكة التحالفات الأمريكية في آسيا والمحيط الهادئ.
لكن الطريق محفوف بالمخاطر؛ فكل خطوة دفاعية لطرف، تُقرأ هجوماً لدى الآخر؛ وبين تهديدات السماء ومخاوف الأرض، يقف الإنسان العادي أكثر هشاشة، أسير قرارات لا دور له فيها، لكنها قد تحدد مستقبله ومستقبل أجيال كاملة.