قال مسؤولون جمهوريون مقربون من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الأخير أعد صفقة كبرى ستفضي لاتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، ولكن هذه المرة عبر إشراك جميع الأطراف بمن فيهم حلفاء كييف.
وأضاف المسؤولون لـ"إرم نيوز" إن ترامب، عندما وصل إلى واشنطن، فضل إشراك الرئيس الأوكراني زيلينسكي والقادة الأوروبيين فيما عاد به من نتائج من قمة ألاسكا، مفضلًا تأجيل الكشف عن جميع التفاصيل إلى حين إجراء تلك المكالمة عبر تقنية الفيديو من داخل غرفة العمليات، بحضور وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الحالي ماركو روبيو، ومبعوثه الرئاسي الخاص إلى موسكو ستيف ويتكوف، مع القادة الأوروبيين والرئيس الأوكراني.
واختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في نهاية قمة ألاسكا، الاكتفاء بمؤتمر صحفي محدود في صورة بيان قرأه كل طرف، دون إظهار أية علامات تشير إلى طبيعة القرارات التي تم التوصل إليها خلال حديث الساعات الثلاث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووفده المفاوض.
وبحسب المقربين الجمهوريين، فإن ذلك كان اختيارا مقصودا من قبل الرئيس ترامب وبالاتفاق مع الضيف الروسي ووفده المفاوض.
وأوضحوا أن الرئيس ترامب اختار هذا الأسلوب في التعامل مع نتائج القمة لجعل الحلفاء الأوروبيين جزءا من القرارات التي سوف يتم التوصل إليها، وكان ذلك جزءا من التنسيق الذي تم بين ترامب وقادة دول أوروبا قبل ذهابه إلى قمة ألاسكا، وكذلك مع زيلينسكي.
وعندما يعود إلى البيت الأبيض الاثنين، سوف يجد أجواء مختلفة تماما عن تلك التي طبعت زيارته الأولى في عهد الرئيس ترامب، والتي شهدت مشادة كلامية غير مسبوقة في تاريخ المكتب البيضاوي بين رئيس أمريكي وضيف أجنبي، وكل ذلك حدث أمام كاميرات التلفزيون.
ترامب على موقف مشترك بين أوروبا وأمريكا
استبق ترامب وصول زيلينسكي هذه المرة بالإشارة إلى أنه ينصح الرئيس الأوكراني بقبول المقترحات المقدمة له في هذه المرحلة؛ لأن روسيا قوة عظمى، وأوكرانيا من دون الدعم الأمريكي والأوروبي لا يمكنها مواجهة قوة روسيا.
وقال ترامب في تصريح آخر إن الرئيس بوتين كان يخطط للاستيلاء على أوكرانيا بالكامل، لكنه الآن، وبفضل التدخل الأمريكي، هناك معطيات جديدة لا يزال الرئيس ترامب يرفض الكشف عنها.
وفي خطوة مخالفة للتوقعات، وعبر اجتماع بتقنية الفيديو عقد في عطلة نهاية الأسبوع، كواحدة من نتائج تلك النقاشات بين فريق ترامب والقادة الأوروبيين، تم تغيير جدول ومحتوى لقاء زيلينسكي بترامب في البيت الأبيض، حيث تقرر توسيع المشاركة لتشمل مجموعة من القادة الأوروبيين.
ويقول المقربون إن هذه الخطوة يراها فريق الرئيس ترامب تنسيقا جيدا مع جميع الأطراف الحليفة للولايات المتحدة، وهي المجموعة ذاتها، بما فيها أوكرانيا، التي شعرت بالتغييب في بداية الاتصالات الأمريكية-الروسية في مطلع عهد إدارة ترامب.
ويضيف المقربون أن الرئيس ترامب تعلم درس الولاية الأولى، عندما تحدث منفردا مع الرئيس الروسي، وانتهت تلك المحادثات إلى إثارة أزمة سياسية واسعة في واشنطن، وأدت إلى اتهامات لروسيا من قبل الديمقراطيين بالتدخل في انتخابات 2016، وصولًا إلى مطالبة الديمقراطيين في الكونغرس بعزل الرئيس ترامب من منصبه.
حسابات الداخل وراء قرارات التعامل مع الخارج
يقول المسؤولون الجمهوريون إن ترامب هذه المرة لا يريد أن يكون في وجه العاصفة وحيدا، ولذلك أراد إشراك الرئيس الأوكراني والحلفاء الأوروبيين في أية قرارات ستُتخذ قبل جولة جديدة من المفاوضات المحتملة مع روسيا.
ويشدد المتحدثون إلى "أرم نيوز" أن ترامب يخطط، بعد قمة ألاسكا، للذهاب سريعا نحو اتفاق سلام نهائي بعد قمة يريد لها أن تتم في أقرب وقت بينه وبين الرئيس الروسي، لكن هذه المرة بحضور الرئيس زيلينسكي، بعد أن تكون قمة البيت الأبيض الموازية قد نجحت في تقريب وجهات النظر الأوروبية-الأمريكية من جانب، والأمريكية-الأوكرانية من جانب آخر.
ويوضح المتحدثون أن لقاءات الاثنين ستكون حاسمة من وجهة نظر فريق الرئيس ترامب المقرب، والمشكّل من الوزير روبيو، والمبعوث الرئاسي؛ لأنها ستجعل الجميع شركاء في أي قرار سيتخذ في البيت الأبيض.
هناك هدف آخر يسعى إليه الرئيس ترامب، كما يقول مقربوه، وهو توجيه رسالة واضحة ومحددة للداخل، من ديمقراطيين ومعارضين، مفادها أنه صاحب مبادرة السلام في هذه الأزمة، لكنه ليس صاحب القرار الوحيد، بل إن المجموعة الأوروبية التي ساندت الولايات المتحدة في موقفها من الحرب شريكة في القرارات، وكذلك الرئيس الأوكراني.
جزء من هذه الرسالة موجه أيضا للداخل، يتعلق بالرئيس زيلينسكي، من خلال استقباله بصفة رسمية لمحو صور ذلك اللقاء السيئ في البيت الأبيض، وترك القرار له ولمساعديه فيما يتعلق بالخيارات التي سيلتزمون بها، والذهاب إلى القمة الثلاثية إذا سارت الأمور بصورة جيدة لاحقا.
هناك عدة رسائل يريد الرئيس ترامب إرسالها من خلال هذا اللقاء التاريخي في البيت الأبيض، منها قدرته على جمع الفرقاء والحلفاء في سعيه لتحقيق انفراج في واحدة من أعقد أزمات التاريخ الحديث.
ومن بين هذه الرسائل أيضا صورة "القائد الجديد في البيت الأبيض" الذي يريد إنهاء حروب العالم، وجعل ولايته الرئاسية الثانية تعيد رسم خريطة العلاقات والتحالفات الدولية، من خلال العلاقات الاقتصادية وفرص النمو بين دول العالم، مع إعطاء الأولوية للدبلوماسية لحل الأزمات العالمية الحالية والمحتملة في المستقبل.