مقتل 8 أشخاص بغارات أمريكية على 3 مراكب في شرق المحيط الهادئ
في قلب بروكسل، يناقش صانعو القرار الأوروبي خطة طموحة وغير مسبوقة، تتمثل في استخدام 170 مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا عبر قروض تُعرف بـ«قروض التعويض».
وكشفت "فاننشال تايمز"، أن هذه الخطوة بينما قد توفر لأوكرانيا السيولة التي تحتاجها فورًا لتغطية احتياجاتها المالية، لكنها تحمل مخاطر غير مسبوقة لمكانة الاتحاد الأوروبي والثقة في اليورو كمخزون آمن للقيمة.
والأمر ليس مجرد مسألة تحويل أموال مجمدة؛ إنه اختبار للقواعد الدولية ولبنية الثقة المالية التي قامت عليها أوروبا منذ عقود. المقترح الذي يدعم تحويل أصول روسيا المجمدة إلى أدوات دين تُصدرها بروكسل، يطرح تساؤلات عن مدى قانونية الأمر، وكيف سيؤثر على نظرة المستثمرين العالميين للاتحاد الأوروبي، خصوصًا إذا رأت الأسواق أن الأصول السيادية يمكن استخدامها كأدوات سياسية.
وتشير مصادر أوروبية إلى أن المشروع يحاول الالتفاف على عقبات قانونية دقيقة؛ ففي أحد السيناريوهات، ستُستثمر الأصول الروسية في شراء سندات أوروبية بدون فائدة، يُحوّل عائدها لاحقًا إلى كييف على دفعات، وهناك فكرةٌ أخرى لإنشاء كيانٍ خاص لإدارة التمويل، يُتيح لدول غير أوروبية المشاركة، وهو ما يعكس رغبة بروكسل في تعظيم التأثير المالي للخطوة دون التصادم المباشر مع موسكو.
لكن ثمن هذه المبادرة قد يكون كبيرًا؛ فبعض العواصم الأوروبية — من بينها برلين وبروكسل وباريس — تشكك في إمكانية استخدام الأصول الروسية كضمانات قانونية طويلة الأمد؛ خوفًا من أن تفتح سابقة تنذر بتقويض الثقة في الأوراق المالية الأوروبية، وهذه المخاوف ليست نظرية فحسب؛ إذ حذّر الكرملين بالفعل من أن أي خطوة لتمويل كييف عبر أصوله المجمدة «لن تبقى بلا رد».
في الوقت نفسه، لا يُخفي المسؤولون الأوروبيون القلق الإنساني والمالي؛ فأوكرانيا تحتاج إلى أموال اليوم، وليس بعد انتهاء الحرب، ويشير دبلوماسي ألماني إلى أن سرعة التنفيذ قد تمنح أوروبا نفوذًا تكتيكيًّا ضد روسيا، حتى وإن كان ذلك على حساب مخاطرة قانونية واقتصادية طويلة الأمد.
يرى الخبراء أن الرهان هنا مزدوج؛ فإنقاذ أوكرانيا ماليًّا الآن، مع محاولة تجنب زعزعة ثقة الأسواق والمستثمرين في أوروبا غدًا، وفي هذا التوازن الهشّ، تبدو أوروبا وكأنها تمشي على حبلٍ مشدود بين واجب التضامن مع دولة تتعرض للحرب، وبين التزاماتها المالية والقانونية على الساحة الدولية.
وفي النهاية، قد يتحول هذا القرار إلى سابقة قانونية تتجاوز أوكرانيا، وتعيد رسم خطوط الثقة بين أوروبا والأسواق العالمية، وربَّما تفتح الباب أمام تساؤلاتٍ جديدة حول كيفية استخدام الأصول السيادية في الصراعات المستقبلية.