الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
في قلب المفاوضات الأكثر حساسية حول مستقبل أوكرانيا، يقف رستم عمروف، التاتار القرمّي (مجموعة عرقية تركية مسلمة من السكان الأصليين لشبه جزيرة القرم)، ووزير الدفاع السابق، كركنين من الأركان الأساسية التي قد تُحسم بها ملامح السلام أو استمرار النزاع.
بعيداً عن الأضواء الإعلامية، يقود عمروف المحادثات مع الجانب الروسي، محاولًا موازنة الضغوط العسكرية والسياسية والدبلوماسية، بينما تسعى كييف لتثبيت مواقعها وحشد دعم حلفائها الغربيين.
يتربع عمروف مرتدياً دائما زي الجيش في قلب الآلة الدبلوماسية الأوكرانية، فمنذ صيف 2025، يشغل منصب أمين مجلس الأمن والدفاع الوطني (NSDC)، وهو ما يعادل القيادة السياسية العليا للرئيس فولوديمير زيلينسكي.
في الأيام الأخيرة، تولى قيادة الوفد الأوكراني في المفاوضات الاستكشافية مع واشنطن، مكان أندري يرماك، في محاولة لرسم خطوط محتملة للسلام مع موسكو، مع الحفاظ على القوة العسكرية ودعم الحلفاء. ويصفه المراقبون بـ"الإصلاحي العملي"، وأصبح إحدى أكثر الشخصيات نفوذاً في كييف.
عمروف مسلم متدين ومن أقلية التتار في القرم، وقد عادت عائلته إلى أوكرانيا من أوزبكستان بعد سنوات من التهجير في عهد ستالين. درس الاقتصاد في كييف، وبدأ مسيرته المهنية في مجال الاتصالات قبل أن يؤسس صندوق استثمار عام 2013، ما جمع بين النشاط الاقتصادي والعمل في الدفاع عن حقوق تتار القرم، حتى أصبح مستشاراً للزعيم التاريخي مصطفى جميليف.
الدور البرلماني والدبلوماسي
دخل البرلمان الأوكراني عام 2019 عن حزب هولوس (Voices) الإصلاحي، وهو يجيد الأوكرانية والروسية والإنجليزية والتركية؛ ما جعله حلقة وصل مهمة بين كييف والعواصم الغربية.
خلال الأسابيع الأولى من الحرب الروسية في 2022، كان جزءاً من الوفد الأوكراني الذي تفاوض مباشرة مع موسكو، وساهم لاحقاً في المباحثات التي نظمت تحت رعاية أنقرة والأمم المتحدة لتسهيل تصدير الحبوب عبر البحر الأسود.
وفي العام ذاته، كلفه زيلينسكي بإدارة صندوق الملكية العامة ضمن برنامج الخصخصة، حيث أشرف على بيع الأصول العامة بشفافية؛ ما مهّد لتعيينه وزيراً للدفاع في العام التالي، ليصبح أول عضو من الأقلية التتارية يشغل منصباً سيادياً بهذا الحجم. وعد بإصلاح شامل لنظام المشتريات العسكرية وإنشاء وكالة مستقلة وفق معايير الناتو.
تحقيقات الطاقة النووية وتحديات الثقة
مع تزايد مسؤولياته، تعزز دوره الدبلوماسي؛ إذ كثف تنقلاته بين أنقرة وواشنطن والرياض في 2025. وبعد محادثات في السعودية في مارس، أبدى زملاؤه إعجابهم بقدراته التفاوضية، مؤكدين أن إتقانه للغة الإنجليزية وشخصيته القوية يصنعان الفارق.
صعوده هذا يفسر الاهتمام باسمه مؤخرا، حين استُدعي كمُدعى عليه في تحقيق حول الفساد في شركة Energoatom العامة للطاقة النووية، دون توجيه أي اتهام. ورغم ذلك، يثير التحقيق بعض الشكوك في المجتمع الأوكراني، ويشكل اختبارا لمصداقية المسؤول الذي يُنظر إليه كرمز للإصلاح، خصوصا في لحظة حرجة تسعى فيها كييف لإظهار قدرة الدولة على التغيير وسط الحرب مع روسيا.