تتجرع مجتمعات الفولاني في بوركينا فاسو، التحريض على الكراهية بعد دعوات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى إبادتهم بحجة تعاونهم مع المتطرفين.
ودفع الأمر بأجهزة العدالة في واغادوغو لفتح تحقيق في رسائل تصفيتهم، التي حمل بعضها عنوان "عملية صفر فولاني"، وخصوصًا في ظل ورود بلاغات عن انتهاكات ضد هذه الفئة، وخاصة في منطقة سولينزو.
وأعلن المدعي العام في محكمة واغادوغو العليا، باكولي بليز بازييه، ملاحقة مروجي المنشورات على موقع "فيسبوك"، التي "تدعو صراحة إلى إبادة الفولاني"، وهي جماعة عرقية تتعرض للازدراء بانتظام في منطقة الساحل.
وقال المحلل السياسي التشادي علي موسى علي، إن بعض المجموعات العرقية دفعت ثمن الاختلاف والتنوع الثقافي في القارة الإفريقية، معزيا ذلك لغياب العدالة ودولة القانون في أغلب الدول خاصة دول الساحل.
وأشار لـ"إرم نيوز"، إلى أن وسم بعض القبائل في الساحل الإفريقي بالأقليات، هو ذاته نتاج الاستعمار، الذي قسّم بين أبناء العم في دول رسمها وخط حدودها وفق مصلحته، ما جعلها مبعثرة ومقطعة داخل بلدان ضعيفة هُضمت حقوقها.
وبيّن المحلل علي أن الأمر ساهم في إثارة النزاعات القبلية والعرقية في الدولة الواحدة، حيث كان ذلك عائقا كبيرا أمام استقرار الدول وتقدمها.
وفي الـ10 من شهر آذار/مارس الجاري، تم القبض على العديد من القرويين الفولانيين وقتلهم بعد تقييدهم من قبل كتائب التدخل السريع ومتطوعي الدفاع المدني عن الوطن، وتم تداول صور الإبادة على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.
ونفت السلطات في بوركينا فاسو أي تورط لها في هذه المجازر، في ظل إدانة الاتحاد الإفريقي لـ"الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان".
وندد المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي لمنع جريمة الإبادة الجماعية، أداما ديينج، بهذه الأفعال بشدة، مؤكدًا أنها أودت بحياة العديد من الأبرياء، بما في ذلك الأطفال.
ومنذ عدة سنوات، أصبح مجتمع الفولاني ضعيفا بشكل خاص في بوركينا فاسو، إذ كثيرا ما يتهم بدعم الجماعات المتطرفة التي تعمل على زعزعة استقرار منطقة الساحل، وهي الوصمة التي تغذي العنف ضدها.
وأقدم تنظيم "القاعدة"، والجماعة الموالية له "نصرة الإسلام والمسلمين"، وكذلك تنظيم "داعش" في الصحراء الكبرى، على تجنيد الشباب الفولاني العاطل عن العمل، في كثير من الأحيان بالقوة.
وتواجه بوركينافاسو التي تحكمها مجموعة عسكرية منذُ شهر أيلول/سبتمبر من عام 2022 بقيادة الكابتن إبراهيم تراوري، صعوبة في احتواء انعدام الأمن المتزايد.
وبحسب منظمة "بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة" غير الحكومية لقي أكثر من 26 ألف شخص حتفهم في صراعات في بوركينا فاسو منذ عام 2015، نصفهم تقريبًا بعد انقلاب عام 2022.
ويتوزع شعب الفولاني من شواطئ المحيط الأطلسي في الغرب إلى البحر الأحمر في الشرق، وهم في الأصل من البدو، منتشرين في نحو 20 دولة من السنغال إلى إثيوبيا، ومن مالي إلى نيجيريا، ورغم عدم معرفة عددهم بدقة، إلا أن أعدادهم ما بين 30 و40 مليونا، بحسب التقديرات الدولية.