logo
العالم

المشير الذي أعاد صياغة السلطة في باكستان.. من هو عاصم منير؟

قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منيرالمصدر: شاترستوك

وافق البرلمان الباكستاني أمس الاثنين على تعديلات دستورية جذرية تمنح المشير عاصم منير سلطات غير مسبوقة، ليصبح بذلك أقوى شخصية عسكرية في تاريخ البلاد الحديث، وربما اللاعب الأبرز في تحديد مستقبل توازن القوى بين المؤسسة العسكرية والدولة المدنية.

تشكّل التعديلات الجديدة نقطة تحوّل في النظام الدستوري الباكستاني؛ إذ أنشأت منصب رئيس قوات الدفاع، وهو موقع يمنح منير قيادة موحّدة للجيش والبحرية والقوات الجوية، ويمنحه سلطة تعيين قادتهم والإشراف المباشر على القيادة النووية والقوات الاستراتيجية الوطنية.

كما تمنحه الإصلاحات حصانة مدى الحياة من الملاحقة القضائية، وتضمن له الاحتفاظ برتبته وامتيازاته حتى بعد التقاعد، في سابقة لم تشهدها باكستان منذ تأسيسها العام 1947.

أخبار ذات علاقة

شهباز شريف (يمين) والرئيس آصف علي زرداري (وسط) يُسلمان عصا المشير لعاصم منير

"حصانة مدى الحياة".. باكستان تمنح عاصم منير صلاحيات غير مسبوقة

وبموجب هذه التعديلات، تم إلغاء منصب رئيس لجنة هيئة الأركان المشتركة؛ ما يعزز تركّز السلطة العسكرية في يد منير.

كما تم تقييد صلاحيات المحكمة العليا في القضايا الدستورية، واستحداث محكمة اتحادية جديدة تُعيَّن من قبل الحكومة، في خطوة يرى مراقبون أنها تحدّ من استقلال السلطة القضائية لصالح المؤسستين العسكرية والتنفيذية.

من هو عاصم منير؟

وُلد سيد عاصم منير أحمد شاه العام 1968، وتخرّج من الأكاديمية العسكرية الباكستانية حاملاً "سيف الشرف"، وهو أرفع وسام يُمنح لأوائل الضباط.

تنقّل منير بين مواقع حساسة في أجهزة الاستخبارات والقيادات الميدانية، ليصبح أول ضابط في تاريخ باكستان يتولى قيادة كلٍّ من الاستخبارات العسكرية (MI) ووكالة الاستخبارات الباكستانية (ISI).

قاد الفيلق الثلاثون المتمركز في جوجرانوالا، وأدار عمليات عسكرية معقدة في المناطق الشمالية، قبل أن يُعيَّن رئيسًا لأركان الجيش في نوفمبر 2022.

 

أخبار ذات علاقة

تعيين الجنرال عاصم منير قائدا للجيش الباكستاني

وفي أعقاب الصدام العسكري المحدود مع الهند عام 2025، رُقّي إلى رتبة مشير، وهي الأعلى في المؤسسة العسكرية الباكستانية.

تجمع مسيرة منير بين القيادة الميدانية والخبرة الاستخباراتية وإدارة الأزمات؛ ما جعله يُنظر إليه كأحد أكثر الضباط تأثيرًا في تاريخ الجيش الباكستاني.

الأبعاد السياسية والإستراتيجية للتعديلات

تعكس هذه الخطوة إعادة تموضع واضحة داخل النظام الباكستاني، حيث تكرّس موقع الجيش كمركز الثقل الحقيقي في إدارة الدولة.

ويرى منتقدو الإصلاحات أن منح قائد الجيش سلطات تنفيذية وتشريعية ضمنية يُعدّ تراجعًا خطيرًا عن التجربة الديمقراطية الهشة في البلاد، ويقوّض مبدأ الفصل بين السلطات.

في المقابل، يدافع مؤيدو التعديلات بأن القيادة الموحدة ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة مع الهند، والتعامل مع الحروب الحديثة التي تتطلب تكاملاً بين أفرع القوات المسلحة، خصوصًا في ظل سباق التسلّح الإقليمي المتسارع.

بات المشير عاصم منير اليوم ليس فقط رأس المؤسسة العسكرية، بل الفاعل الأول في السياسة الداخلية والخارجية لباكستان. ومع هذه الصلاحيات الدستورية الجديدة، تتحول إسلام آباد فعليًا إلى نظام ذي قيادة عسكرية مركزية بغطاء دستوري.

ورغم أن هذه الخطوة قد تمنح استقرارًا مؤقتًا وتوحيدًا في القرار الأمني، إلا أنها تفتح في الوقت نفسه الباب أمام نقاش واسع حول مستقبل الديمقراطية المدنية في بلد طالما ظل جيشه هو الحَكَم الأخير في مسار الحكم والسياسة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC