تسببت التسريبات التي نقلتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، بشأن وقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة إسرائيلية للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، بجدل سياسي كبير في إسرائيل.
وفي الوقت الذي تساءل فيها الكثير من السياسيين الإسرائيليين عن السبب من هذا التسريب وتوقيته، طالب آخرون بضرورة تنفيذ الهجوم الإسرائيلي فورًا، حتى دون مساعدة أمريكية.
ووفق صحيفة "يسرائيل هايوم" العبرية، فقد كان الوزير السابق والقيادي بالمعارضة بيني غانتس أول من طالب بتنفيذ الهجوم وعدم النظر للتحفظات الأمريكية، بل شدد على انتهاز الفرصة وتسخير الحلفاء الأمريكان لصالح الأهداف الإسرائيلية.
أما الوزير السابق جادي آيزنكوت، وفي تصريحات لهيئة البث الإسرائيلية، فقد انتقد، بشدة، الطريقة التي تدار بها الهجمات العسكرية في الحكومة الإسرائيلية، متساءلًا، من سرب هذه البيانات للصحيفة الأمريكية، وماذا يريد من ذلك ؟!
وقال آيزنكوت، إن "الهجوم على إيران عملية ضخمة. كان ينبغي أن تبقى طي الكتمان. لقد أسهم نتنياهو على مر السنين في منع البرنامج النووي الإيراني. وفي الوقت نفسه، كتب العام ١٩٩٣، بصفته زعيمًا للمعارضة، أن إيران ستمتلك قنابل ذرية بحلول العام ١٩٩٩".
وفي السياق نفسه، قالت مصادر في الجيش الإسرائيلي لصحيفة "معاريف" إن تل أبيب تقدر أن تسريب "نيويورك تايمز" أضر بشكل واضح بالتحركات التي يقودها نتنياهو على الساحة الخارجية للهجوم على إيران.
ووفق تصريحات هذه المصادر الإسرائيلية، فإن هناك رسالة مثيرة تنقلها الإدارة الأمريكية إلى إسرائيل، مفادها الانتظار حتى تنتهى واشنطن من مسارها. وكشف مصدر أمني إسرائيلي لـ"معاريف" أن المستوى السياسي في تل أبيب يركز على التهديد العسكري، والآن تلقينا ردًا أمريكيًا حادًا.
وتُعلق "معاريف"، بالقول: "ليس واضحًا في الوقت الحالي، ما هي التحركات أو النفوذ الذي تمتلكه إسرائيل على الإدارة الأمريكية لتغيير القرار ودعم الهجوم على إيران، أو حتى تنفيذه بمساعدتها. ومن غير الواضح أيضًا ما هي الخطوات التي يمكن اتخاذها ضد خيار الترويج لاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران، سيكون مفيدًا لإسرائيل، وعلى تل أبيب أن تتعامل مع المستجدات على أنها مناورة من ترامب يتحول بها في مواقفه تجاه إيران.
ووفق التسريب الأمريكي الذي يثير ضجة في إسرائيل، حاليًا، فيما لم تُعلّق عليه جهة رسمية حتى اللحظة، اقترحت إسرائيل غارة جوية واسعة النطاق تستمر لأكثر من أسبوع لتدمير المنشأت النووية الإيرانية، وأوقف ترامب العملية، خوفًا من حرب واسعة النطاق.
ويكشف التقرير الأمريكي، وجود معسكرين داخل الإدارة الأمريكية، أحدهما بقيادة قائد القيادة المركزية الجنرال مايكل كوريلا، الذي أيد هجومًا مشتركًا مع إسرائيل، والآخر الذي يخشى تورط الولايات المتحدة في حرب إقليمية بالشرق الأوسط، مطالبًا بفرصة حقيقية للحوار مع إيران.
وبعد سلسلة من المشاورات في البيت الأبيض، فإن المعسكر الثاني، على الأقل في الوقت الراهن، هو الذي انتصر. وسافر نتنياهو على وجه السرعة إلى واشنطن لإقناع ترامب بتغيير قراره، لكنه فشل.
وبحسب التقرير الذي وصفه الإسرائيليون بالدرامي، وكتبه محلل موقعى واي نت ويديعوت أحرونوت ،رونين بيرجمان، اتخذ ترامب القرار بعد أشهر من المناقشات الداخلية في واشنطن، وقرر مواصلة المسار الدبلوماسي مع إيران، أو دعم إسرائيل بدلًا من ذلك في محاولة للإضرار بالبرنامج النووي الإيراني، في وقت تضعف فيه إيران عسكريًا واقتصاديًا.
وسلط النقاش الداخلي داخل الإدارة الأمريكية الضوء على الخلاف بين كبار المسؤولين في الإدارة الذين يتبنون موقفًا أكثر تشددًا وهجومية، مقابل المستشارين الذين يشككون في إمكانية نجاح العمل العسكري في تدمير طموحات إيران النووية، مع تجنب حرب أوسع نطاقًا.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المسؤولين الإسرائيليين وضعوا خططًا جديدة ومتنوعة لمهاجمة المنشآت النووية في إيران في مايو/أيار المقبل. وكانت إسرائيل مستعدة لتنفيذ هذه القرارات.
وفي بعض الأحيان، كانت متفائلة بشأن إمكانية موافقة الولايات المتحدة عليها. وكان هدف كل الخطط التي تم وضعها، وفقًا لمسؤولين مطلعين على الموضوع، هو إبطاء قدرة طهران على تطوير الأسلحة النووية لمدة عام أو أكثر.
ووفق التقرير، فإن جميع الخطط تقريبًا كانت ستتطلب تدخل الولايات المتحدة، ليس فقط لحماية إسرائيل من الرد الإيراني، بل أيضًا لضمان نجاح الهجوم الإسرائيلي.