أعلنت هولندا انضمامها رسميًّا إلى برنامج "الطائرات القتالية التعاونية من الجيل التالي" (CCA) التابع لسلاح الجو الأمريكي، في خطوة تعكس تحوّلًا استراتيجيًّا في عقيدة القتال الجوي داخل الناتو.
وكشف "آرمي ريكوغنيشن" أن هذا المشروع يهدف إلى دمج الطائرات المأهولة وغير المأهولة في منظومة واحدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لدعم مهام مقاتلات "إف-35".
وجرى توقيع الاتفاق في واشنطن في 16 أكتوبر من قِبَل وزير الدولة الهولندي للدفاع خيس توينمان، قبل أيام من فعاليات "أيام الصناعة الدفاعية" بين البلدين، وتعتبر لاهاي هذه الخطوة جزءًا من خطة استراتيجية لتطوير أنظمة غير مأهولة يمكن تشغيلها من قمرة قيادة المقاتلة نفسها؛ ما يضع هولندا في موقع متقدم داخل البنية التكنولوجية الجديدة للحروب الجوية.
ويرى الخبراء أن هولندا بهذا الانضمام، أصبحت أول دولة أوروبية تشارك علنًا في مبادرة CCA الأمريكية، في دلالة واضحة على عمق الارتباط الدفاعي بين ضفتي الأطلسي؛ فالمشاركة تمنح القوات الجوية الهولندية فرصة لتوسيع قدراتها دون الحاجة إلى مضاعفة أسطولها من المقاتلات المأهولة، إذ توفر المنظومة الجديدة "أجنحة ذكية" مستقلة يمكنها مرافقة مقاتلات "إف-35"، وتوسيع نطاق الاستشعار، وحمل أسلحة إضافية، وتنفيذ مهام عالية الخطورة بكلفة أقل وزمن إنتاج أقصر.
ولا تقتصر الأهمية هنا على تعزيز الكفاءة القتالية فحسب، بل تمتد إلى إعادة تشكيل موازين القوة داخل الناتو، حيث تفتح التجربة الهولندية الباب أمام دول أوروبية أخرى للمشاركة في نموذج "القتال التعاوني" القائم على الذكاء الاصطناعي.
بدورها أوضحت وزارة الدفاع الهولندية أن المنصات غير المأهولة الجديدة ستُدمج ضمن تشكيلات "إف-35 إيه" العاملة لديها؛ ما يتيح تنفيذ عمليات مشتركة بين الطائرات المأهولة وغير المأهولة لزيادة المدى والمرونة الهجومية. وفي موازاة ذلك، ستتعاون هولندا مع شركة "جنرال أتوميكس" لإنتاج طائرات استطلاع أصغر (ISR drones) محليًّا عبر شركة VDL، مع خطط لدخول الخدمة بحلول العام المقبل.
ويرى الخبراء أن هذه الخطوة تؤكد اعتماد هولندا مقاربة شاملة تجمع بين التعاون الصناعي العابر للأطلسي وتنمية القدرات المحلية؛ ما يجعلها شريكًا فعّالًا في تطوير المنظومات القتالية المستقبلية داخل الناتو.
ويتزامن الإعلان الهولندي مع توجهات مماثلة في دول أخرى؛ ففي أنقرة، عرضت شركة "أسيلصان" التركية رؤيتها للجيل السادس من القتال الجوي، تشمل مقاتلة "قآن" والطائرات المسيّرة التركية، في إطار منظومة شبكية تدمج البيانات والعمليات بين المنصات المأهولة وغير المأهولة.
ورغم اختلاف البرامج بين الحلفاء، فإنها جميعًا تسير نحو هدف مشترك: إنشاء "عائلات من الأنظمة" تعمل بتنسيق لحظي، وتشارك الصورة القتالية في الوقت الفعلي؛ ولذلك فإن دخول هولندا هذا المسار يعزز التوجه الجماعي داخل الناتو نحو قتال شبكي قائم على الذكاء الاصطناعي، ويعيد تعريف مفهوم التفوق الجوي في القرن الـ21.