ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
ساعدت مجموعة من جماعات الضغط المؤيدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الولايات المتحدة، على إحداث تدخل غير مسبوق من قبل واشنطن في البوسنة والهرسك؛ ما أدى إلى قلب سنوات من الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة في المنطقة المضطربة بجنوب شرق أوروبا.
برز ذلك من خلال رفع واشنطن عقوباتها على الزعيم الصربي الموالي لروسيا ميلوراد دوديك، بعد حملة أدارتها شبكة من مستشاريه ولوبيات أمريكية مرتبطة بـ"ماغا"، وبعد عام من الضغط المكثف تمكنوا من تغيير سياسة الأمريكية تجاه المنطقة؛ ما أحدث زلزالاً دبلوماسياً في جنوب شرق أوروبا.
وبحسب "فايننشال تايمز"، فإن القرار جاء مقابل تنازلات شكلية من دوديك، شملت التنحي عن رئاسة جمهورية صربسكا ووقف سلسلة من القوانين الانفصالية، لكنه أثار جدلاً واسعاً بين الحلفاء الأوروبيين الذين يخشون أن تستمر الاستفزازات الصربية عبر وكلاء خلف الكواليس.
التحركات المكثفة لدوديك، التي بدأت بعد إعادة انتخاب ترامب في نوفمبر الماضي، شملت تعاقده مع شخصيات أمريكية بارزة بما في ذلك المحامي السابق للرئيس الأمريكي، رودي جولياني، والناشطة الصريحة في حركة "MAGA"، وهو اختصار "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، لورا لومير، وحاكم ولاية إلينوي السابق، رود بلاغويفيتش، الذي سُجن بتهم فساد قبل أن يخفف ترامب عقوبته في العام 2020.
وبحسب مطّلعين فإن دوديك نجح في استغلال نفوذهم لتغيير سياسة واشنطن، وإعادة تعريف موقفها من "اتفاقية دايتون للسلام"، كما نجح دوديك في عرض نفسه كـ"ترامب البلقاني"، مستفيداً من الخطاب الشعبي المحافظ في واشنطن وترويج صورة صربسكا كمجتمع مضطهد.
ويرى المحللون أن الصفقة تعكس أسلوب ترامب في السياسة الخارجية: نهج تبادلي ومرتبط بالشخصيات القوية، حيث يمكن لأحد القادة المحليين، بفضل تصريحات مناسبة واللوبي الملائم، أن يفرض تغييراً في سياسة الولايات المتحدة التقليدية نحو إعادة هندسة التعامل مع أزمة استقرار البلقان، بعد عقود من الدبلوماسية الأمريكية التي حاولت حماية وحدة البوسنة.
وبينما يرى بعض الأمريكيين أن الخطوة جريئة وضرورية لمنع تصاعد الأزمة، فإن الأوروبيين أعربوا عن قلقهم من أن رفع العقوبات سابقٌ لأوانه؛ ما قد يمنح دوديك حرية جديدة لاستفزاز السلطات المركزية في سراييفو. فبالرغم من تنحيه رسميًا، عاد دوديك في نوفمبر إلى خطابه الانفصالي، مؤكّدًا على استقلال جمهورية صربسكا، الأمر الذي أثار تساؤلات حول جدوى التنازلات الأمريكية مقابل رفع العقوبات.
ويعتقد مراقبون أن الصفقة تكشف تحولًا في دور الولايات المتحدة في البلقان من وسيط دبلوماسي تقليدي إلى لاعب يوظف اللوبي والضغوط الشخصية، ويختبر تأثير نفوذ "الماغا" في إعادة هندسة ملفات حساسة، مع مخاطر محتملة لإعادة إشعال التوترات الإقليمية.