شنّت مجموعة قرصنة مرتبطة بإسرائيل تُدعى "العصفور المفترس" هجمة شرسة على البنوك الإيرانية، ملحقة بها خسائر تُقدّر بـ 90 مليون دولار من العملات المشفرة التابعة للحرس الثوري.
ومنذ حرب استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران في يونيو/ حزيران الماضي، شنت مجموعات قرصنة تابعة لتل أبيب حملة إلكترونية غير مسبوقة ضد النظام المالي لطهران.
واستهدفت عمليات الاختراق السابقة التي ترعاها الدولة سرقة البيانات، أو طلب فدية الأصول، أو تعطيل العمليات، أما إسرائيل، فقد أقدمت على خطوة أكثر تطرفاً، إذ دمّرت أصولاً رقمية وسجلات المصرفية لتقويض النظام.
ووفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" فإن النجاح الكبير لإسرائيل في اخترق النظام المصرفي الإيراني، يتيح لإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أدوات جديدة لمواجهة التهديد الإيراني.
وهاجمت إسرائيل أولاً بنك سبه، أقدم وأكبر بنك حكومي في إيران، والذي يخدم المؤسسة المالية المركزية للحرس الثوري، والقوات العسكرية والأمنية، كما يُغذي الرواتب والمعاشات التقاعدية إلى أموال الصواريخ التي تُجنّب العقوبات.
وأعلنت "العصفور المفترس"، وهي مجموعة قراصنة مرتبطة بالحكومة الإسرائيلية، مسؤوليتها عن محو البيانات المصرفية لبنك سبه وتعطيل أنظمته، لتتوقف أجهزة الصراف الآلي، والخدمات عبر الإنترنت وفي الفروع، وكذلك مدفوعات الرواتب والمعاشات التقاعدية.
ومع انتشار الذعر، تصاعدت وتيرة سحب الودائع من جميع البنوك، ورغم نجاة بنك ملي، أكبر بنك تجاري في إيران، من الاختراق، إلا أنه لم يتمكن من تلبية الطلب على النقد، ورغم محاولة البنك المركزي احتواء الأزمة بطباعة النقود وضخ الاحتياطيات في النظام، لكن الثقة كانت قد انهارت بالفعل.
كما انهارت بورصة طهران، والريال، العملة الرسمية، بخسائر تفوق 12% من قيمته بعد اليوم الأول من الحرب، لتعلّق السلطات التداول، وتغلق بورصات العملات الخاصة أبوابها بدلًا من بيع الدولار الأمريكي بأسعار غير مستدامة.
ولحماية نفسها من هذا النوع من الهجمات، أنشأت إيران بنية تحتية مالية موازية تعتمد على العملات المستقرة، وهي عملات مشفرة مرتبطة بأصول مثل الدولار. تُدار ما يقرب من 90% من معاملات العملات المشفرة في إيران من خلال بورصة نوبيتكس.
وفي 18 يونيو/حزيران، أفادت التقارير أن مجموعة "العصفور المفترس" استولت على 90 مليون دولار من محافظ مرتبطة بالحرس الثوري، ثم أحرقت الأصول بتحويلها إلى عناوين لا يمكن استرجاعها منها؛ ما أدى إلى إزالتها نهائياً من التداول.
كما استهدفت المجموعة الأموال التي يستخدمها الحرس الثوري في عملياته اليومية؛ ما يُظهر دقة فائقة وحرية تامة في الوصول، مع عجز كامل من النظام الإيراني الذي ادّعى في البداية أن الانقطاعات كانت مجرد اضطرابات ستُحلّ في غضون ساعات قليلة.
ومع تصاعد الاستياء العام، أقرّت السلطات بالأزمة، لكنها لم تؤكد أنها هجوم إلكتروني إسرائيلي، كما لم تُفلح الإجراءات الدفاعية، مثل الحد من الوصول إلى الإنترنت، ومنع المسؤولين من استخدام الأجهزة المتصلة، وتقييد معاملات العملات المشفرة، في تأمين البنية التحتية المالية لإيران.
وقوّضت الهجمات على بنك سبه ونوبيتكس شرعية النظام، عبر حرمان المسؤولين الموالين وأفراد الأمن من الوصول إلى أموالهم الخاصة؛ ما أثار تساؤلات إن كانت نخب النظام ستواصل إيداع أصولها في البنوك المرتبطة بالدولة، أم ستبدأ بإخفائها في الخارج.
تُعيد هذه الهجمات صياغة دبلوماسية ترامب لما بعد الحرب، والذي كان قد أكد في قمة حلف شمال الأطلسي بأنه يريد للإيرانيين "الرخاء، ونريدهم أن يكونوا بخير، لكن لا يمكنهم امتلاك أسلحة نووية".
ولتنفيذ هذا التهديد، كان يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل مواصلة الضغط بخطوتين رئيستين، أولًا من خلال الحفاظ على العقوبات الاقتصادية، وثانياً بتحويل السياسة السيبرانية الأمريكية من الدعم السلبي إلى الشراكة النشطة في العمليات الهجومية.