الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
سلّط تقرير لصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية الضوء على الجانب المظلم من حكم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بعد قراره إقالة رئيس شركة الطاقة الوطنية فولوديمير كودريتسكي، الذي عده معارضون ضحية مركزية السلطة.
وقالت الصحيفة إنه مع بدء روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا قبل نحو 4 سنوات، كان فولوديمير كودريتسكي، رئيس شركة الكهرباء الوطنية الأوكرانية المملوكة للدولة آنذاك، يُكافح جاهدًا للحفاظ على استمرارية الكهرباء.
وبطريقة ما، نجح في ذلك واستمر كل عام، مكتسبًا احترام مسؤولي الطاقة حول العالم من خلال ضمان قدرة البلاد على الصمود في وجه ضربات الصواريخ والطائرات المسيّرة الروسية على شبكة الكهرباء وتجنب انقطاعات التيار الكهربائي الكارثية، حتى أُجبر فجأة على الاستقالة في عام 2024.
وندد الكثيرون في قطاع الطاقة بإقالة كودريتسكي، كما أثارت قلقًا في بروكسل.
في ذلك الوقت، صرّح كودريتسكي لصحيفة "بوليتيكو" بأنه ضحية مركزية السلطة المتواصلة التي يسعى إليها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيس مكتبه النافذ أندريه يرماك، وقال إنه يخشى أن ينتهي الأمر بـ"أفراد فاسدين" إلى الاستيلاء على الشركة المملوكة للدولة.
ووفقًا لمؤيديه، فإن هذا النوع من الكلام - ورفضه التزام الصمت - هو ما يُفسر سبب إيداع كودريتسكي في كابينة زجاجية مغلقة في قاعة محكمة بوسط مدينة كييف الأسبوع الماضي، حيث حُكم عليه بتهم اختلاس.
والآن، يثور نواب المعارضة ونشطاء المجتمع المدني غضبًا، ويصفون هذا بأنه مثال آخر على استخدام القيادة الأوكرانية الحرب القانونية لترهيب المعارضين وإسكات المنتقدين باتهامهم بالفساد أو التعاون مع روسيا.
من بين من تلقّوا المعاملة نفسها، سلف زيلينسكي في المنصب، بيترو بوروشينكو، الذي فُرضت عليه عقوبات واستُدعي للمحاكمة بتهم فساد هذا العام، وهي خطوة قد تمنعه من الترشح في أي انتخابات مستقبلية.
ومنذ ذلك الحين، اتهم بوروشينكو زيلينسكي بـ"الاستبداد" الزاحف، والسعي إلى "إقصاء أي منافس من المشهد السياسي".
وقد يُفسر هذا أيضاً سبب استدعاء كودريتسكي للمحاكمة، وفقاً للنائب المعارض ميكولا كنياجيتسكي، الذي يعتقد أن استخدام الحرب القانونية لتشويه سمعة المعارضين سيزداد سوءاً مع استعداد المكتب الرئاسي لانتخابات محتملة العام المقبل في حال وقف إطلاق النار. ويخشى أنهم يستخدمون المحاكم "لإخلاء الساحة من المنافسين" لتشكيل انتخابات غير نزيهة.
ويرى آخرون، بينهم الناشطة الأوكرانية البارزة ورئيسة مركز مكافحة الفساد، داريا كالينيوك، بأن الرئيس وحاشيته يستغلون الحرب لاحتكار السلطة لدرجة تهدد ديمقراطية البلاد.
ووفقًا لكالينيوك، فإن القضية تفتقر إلى أي منطق قانوني، وقالت إن الأمر بدا "أغرب" عندما شرح المدعي العام التهم الموجهة إلى كودريتسكي. وأوضحت: "لم يُثبت أنه استفاد ماديًا بأي شكل من الأشكال" من عقد بنية تحتية لم يُستكمل في النهاية".
كما أعربت النائبة المعارضة إينا سوفسون عن قلقها، وصرّحت لصحيفة "بوليتيكو": "لا يوجد دليل على أن كودريتسكي قد أثرى نفسه". وقالت: "لم يحدث أي ضرر. لا يسعني إلا أن أعتقد أن كل هذا له دوافع سياسية".
وحضرت سوفسون جلسة الاستدعاء لتُقدّم نفسها كضامنة للإفراج عنه إذا لزم الأمر، وعرض نائبان آخران القيام بدور الضامن أيضًا، لكن القاضي قرر بدلًا من ذلك اتخاذ إجراء آخر لإطلاق سراح كودريتسكي من الحبس الاحتياطي من خلال اشتراط دفع كفالة قدرها 325 ألف دولار.
لكن بالنسبة لنائبة رئيس الوزراء السابقة إيفانا كليمبوش-تسينتسادزي، فإن القضية "لا تبدو جيدة من أي زاوية، سواء على الصعيد المحلي أو فيما يتعلق بالشركاء الدوليين".
وقالت إن التوقيت غير مناسب لأوكرانيا، إذ يتزامن مع مناشدة كييف المستمرة لمزيد من المساعدات الأوروبية في مجال الطاقة قبل ما يُرجح أن يكون أخطر شتاء في هذه الحرب.
ومع تصعيد روسيا هجماتها الصاروخية والطائرات المسيّرة على نطاق أوسع بكثير من ذي قبل، من المرجح أن يصبح تحدي الطاقة الذي تواجهه أوكرانيا أكثر صعوبة.
كما يخشى بعض المسؤولين التنفيذيين في قطاع الطاقة الأوكراني أن تكون محاكمة كودريتسكي جزءًا من تكتيك استباقي لإلقاء اللوم على الآخرين في حال لم يعد نظام الطاقة في البلاد قادرًا على الصمود في وجه الهجمات الروسية.
من جهته، قال خبير في السياسة الخارجية: "إنهم بحاجة إلى كبش فداء الآن". وأضاف: "هناك أجزاء من أوكرانيا قد لا تصلها الكهرباء حتى الربيع. تصل درجة الحرارة الآن إلى 10 درجات مئوية في شقق كييف، ومن المحتمل أن تشهد المدينة انقطاعات طويلة للكهرباء. الناس غاضبون بالفعل من هذا، لذا يحتاج مكتب الرئيس إلى كبش فداء".
وتابع: "ستتهم المعارضة زيلينسكي بخذلان أوكرانيا، وتجادل بأنه كان ينبغي أن تكون لديه بالفعل خطط طوارئ لمنع انقطاعات طويلة للكهرباء أو موجة صقيع شديدة".
بدوره، أعرب أدريان كاراتنيكي، الزميل البارز في معهد "المجلس الأطلسي" الأمريكي، عن قلقه أيضًا بشأن المسار السياسي. وقال: "مع أنه قائد مُلهم وشجاع في زمن الحرب، إلا أن هناك بالفعل جوانب مثيرة للقلق في حكم زيلينسكي".