يبدو أن كوريا الجنوبية، نجحت في اكتشاف أقصر الطرق للوصول إلى قلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فبعد أن كانت سول تخوض مفاوضات تجارية صعبة مع واشنطن، ابتكر الكوريون أسلوبا اختصر عليها جولات من التفاوض، حيث أغروا نظراءهم الأمريكيين بالمساعدة في مجال تتأخر فيه الولايات المتحدة كثيرا عن منافستها الصين.
وبحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإنه مع دخول الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مرحلة حاسمة من المحادثات التجارية بين البلدين خلال شهر يوليو/تموز الماضي، أحضر المفاوضون الكوريون الجنوبيون صندوقا مختوما إلى نظرائهم الأمريكيين، وتم نقله على عجل إلى واشنطن، حيث كان يحتوي على 10 قبعات بيسبول حمراء تحمل شعار "لنجعل صناعة بناء السفن الأمريكية عظيمة مجددًا" (MASGA). وزُيّنت القبعات بأعلام أمريكية وكورية.
وكشف التقرير أن سيول تعهدت بإنفاق 150 مليار دولار لمساعدة الولايات المتحدة في إحياء تصنيع السفن، الذي تراجع بشكل كبير خلف الصين وأصبح مصدر قلق مركزي لإدارة ترامب، مؤكدا أن وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك قال للمفاوضين الكوريين الجنوبيين إنها "فكرة رائعة".
في الأسابيع الأخيرة، أصبحت مبادرة "ماسغا" بمثابة نداء حشد وطني في كوريا الجنوبية، حيث عقد زعيمها، لي جاي ميونغ، أول لقاء مباشر له مع الرئيس ترامب في المكتب البيضاوي، حيث تم نقاش قضايا رئيسة قد تُحدث تحولاً في التحالف الأمريكي الكوري الجنوبي: الرسوم الجمركية، ودور القوات الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية، وإنفاق سيول الدفاعي.
ويعتقد مسؤولو سيول أنه لا توجد قضية تحمل الإمكانات نفسها لدى ترامب مثل بناء السفن. وكثيراً ما أعرب الرئيس عن أسفه لتآكل قطاع التصنيع البحري الأمريكي، متعهداً بتحول سريع من خلال حوافز ضريبية خاصة ومكتب جديد في البيت الأبيض مخصص لبناء السفن.
وقال كو يون تشيول، وزير مالية كوريا الجنوبية وكبير المفاوضين التجاريين، إن "مشروع MASGA ساهم بشكل كبير" في اتفاقية التعريفات الجمركية.
وقال مسؤولون في سيول إن الاستثمار البالغ 150 مليار دولار في بناء السفن في الولايات المتحدة قد يشمل شراء أحواض بناء السفن الأمريكية، وتدريب القوى العاملة، وإعادة هيكلة سلسلة التوريد، والإصلاحات وغيرها من المجالات.
تعد كوريا الجنوبية موطنا لأكبر حوض لبناء السفن في العالم، وتُصنّف كأكبر مُنتِج عالمي بعد الصين، التي تتميز بتطور تكنولوجي أقل في بناء السفن التجارية. دفع هذا الاختراق التجاري ترامب إلى توجيه دعوة إلى البيت الأبيض للي، السياسي اليساري الذي تولى منصبه في أوائل يونيو.
ووفق "وول ستريت جورنال"، تستطيع شركة هيونداي للصناعات الثقيلة، التي تدير أكبر حوض بناء سفن في العالم في أولسان، كوريا الجنوبية، بناء مدمرة أمريكية هناك بتكلفة تُقارب نصف تكلفة بنائها في الولايات المتحدة، وبثلثي الوقت، وفقًا لمسؤولي الصناعة. إلا أن اللوائح الأمريكية تحظر بناء السفن التجارية أو العسكرية الأمريكية في الخارج.
وقال جونغ وو-مان، رئيس تخطيط الأعمال البحرية في شركة إتش دي هيونداي، إن شراء حوض بناء سفن أمريكي، كما فعلت هانوا، خيارٌ قيد الدراسة. وأضاف أن إعادة بناء قدرات بناء السفن الأمريكية تتطلب كوادر بشرية وبنية تحتية وموردين أكثر، وهو أمرٌ سيستغرق سنوات.