في الصين، تتحول حقول الأرز إلى مراكز بيانات ضخمة ضمن مشروع "البوابة الصينية" على جزيرة تمتد على 760 فدانًا في نهر اليانغتسي، في خطوة تؤكد أن سباق الذكاء الاصطناعي بين بكين وواشنطن لم يعد مجرد منافسة على الرقائق المتقدمة، بل أصبح صراعًا على البنية التحتية وطرق التحايل على العقوبات التكنولوجية.
وكشفت "فايننشال تايمز"، أن المشروع الذي يجري إنشاؤه في مدينة ووهو، والمعروف باسم "جزيرة البيانات"، يأتي في سياق خطة صينية لتوحيد مراكز البيانات المبعثرة، وتوزيع الموارد الحاسوبية بطريقة تعزز القدرة على تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة بكفاءة، وسط قيود أمريكية تحظر وصول الصين إلى أحدث المعالجات من "إنفيديا".
تتضمن مراكز ووهو الجديدة أربعة مواقع تديرها شركات كبرى مثل "تشاينا يونيكوم" و"تشاينا تيليكوم" و"هواوي" و"تشاينا موبايل"؛ لتغطية المدن الرئيسة في دلتا نهر اليانغتسي مثل شنغهاي وهانغتشو ونانجينغ وسوتشو، أما في الشمال، سيخدم مركز "ألوانقاب" بكين وتيانجين، وفي الجنوب تغطي جويجشو غوانغتشو، بينما يربط مركز تشينغيانغ تشنغدو وتشونغتشينغ.
وحتى الآن، استثمرت 15 شركة ما مجموعه 270 مليار يوان (37 مليار دولار) في إنشاء المراكز، مع دعم حكومي يغطي حتى 30% من تكلفة شرائح الذكاء الاصطناعي، وتسعى بكين من خلال هذه الخطوة إلى استخدام المعالجات غير المستغلة في المراكز البعيدة وربطها بتقنيات شبكة مركزية؛ لضمان أعلى كفاءة ممكنة في التدريب والتطبيق، رغم القيود الأمريكية.
في المقابل، تتصدر الولايات المتحدة المشروع المعروف باسم "ستار غيت"، الذي يخطط لاستضافة مئات آلاف المعالجات في تكساس، لتشكيل أكبر مجمع بيانات عالمي، بما يعكس الهيمنة الأمريكية على القدرة الحاسوبية.
ويقول خبراء إن الجهود الصينية تتجاوز بناء مراكز جديدة؛ فهي تشمل تطوير تقنيات شبكة مبتكرة مثل UB-Mesh من "هواوي"، التي تهدف إلى مضاعفة كفاءة تدريب نماذج اللغة الكبيرة عبر توزيع المهام بين عدة مواقع، محوّلة بذلك الذكاء الاصطناعي إلى ساحة حرب حقيقية للبنية التحتية والمعرفة التكنولوجية.
بهذا السياق، يبدو أن السباق بين مشروع "ستار غيت" الأمريكي و"البوابة الصينية" ليس مجرد تنافس تقني فحسب، بل صراع جيوسياسي على السيطرة على موارد الذكاء الاصطناعي، حيث تصبح البنية التحتية الاستراتيجية محور المواجهة القادمة بين أكبر قوتين عالميتين.