مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
كشف تقرير حديث أن أوروبا اتخذت خطوات حازمة لقطع واردات الغاز الروسي بحلول سبتمبر 2027، غير أن بيانات واردات الأسمدة أظهرت مفارقة كبيرة: الاتحاد الأوروبي ما يزال يستورد منتجات مصنوعة من الغاز الروسي؛ ما يغذي عجلة الاقتصاد الروسي رغم العقوبات المفروضة.
ونشرت "إيكونوميست"، في تقرير، أن روسيا قبل الحرب في أوكرانيا عام 2022، كانت تزود أوروبا بنحو 30% من احتياجاتها من الأسمدة، بما فيها الأسمدة النيتروجينية، ولكن بعد بدء الحرب وفرض العقوبات على بعض التنفيذيين في شركات الأسمدة الروسية، ظن الأوروبيون أن وارداتهم ستتراجع، إلَّا أن الشركات ومنتجاتها ظلت معفاة، لتعود الحصة الروسية إلى حوالي ثلث السوق بحلول النصف الثاني من 2025، مع تسجيل أوروبا مليون طن في يونيو، وهو أعلى رقم شهري منذ عقد، وغالبًا ما تتم الصفقات عبر وسطاء في سويسرا وغيرها؛ نظرًا لرخص أسعار الأسمدة الروسية وقربها الجغرافي.
وبينما تُنتج الأسمدة النيتروجينية عن طريق تحويل الغاز الطبيعي إلى هيدروجين، ثم مزجه مع النيتروجين لإنتاج الأمونيا، التي تتحول لاحقًا إلى أسمدة، فإن روسيا، التي تمتلك أيضًا رواسب كبيرة من الفوسفور والبوتاسيوم، تنتج نحو خمس الأسمدة عالميًّا؛ ما يجعلها لاعبًا لا يمكن تجاهله في السوق.
ويرى الخبراء أن سبب استمرار أوروبا في استيراد السماد الروسي يعود إلى صعوبة توفير البدائل للمزارعين المحليين؛ إذ تشكل الأسمدة نحو 15-30% من تكاليف الإنتاج الزراعي، خصوصًا أن تكاليف الزراعة ارتفعت بشكل كبير بين 2020-2025 بسبب الحروب وجائحة كورونا، في حين تراجعت أسعار الحبوب؛ ما دفع المزارعين للاحتجاج وقيادة قوافل احتجاجات في العواصم الأوروبية، بما فيها بروكسل في 2024.
ويلجأ الاتحاد الأوروبي في مواجهة الاعتماد على موسكو، لخيارين: زيادة الإنتاج المحلي، أو البحث عن موردين بديلين من دول أخرى، غير أن الاستيراد من هذه المصادر أغلى، خصوصًا للأسمدة النيتروجينية، بينما يظل الغاز الروسي رخيصًا ومتاحًا بكميات كبيرة.
ولذلك، فرضت أوروبا رسومًا تدريجية على الأسمدة الروسية، تبدأ من 40 يورو للطن، وتصل إلى 315 يورو بحلول منتصف 2028، مع إمكانية تعديلها إذا ارتفعت الأسعار بسرعة، أمّا الأسمدة المحتوية على البوتاسيوم والفوسفور، فتخضع لرسوم أقل بحجة أنها أقل تمويلًا للآلة الحربية الروسية.
ورغم انخفاض الواردات مؤخرًا، ما يزال المخزون الروسي الرخيص متوافرًا في المستودعات، ومع تطبيق آلية تعديل حدود الكربون (CBAM) في 1 يناير على الأسمدة المنتجة بطرق كثيفة الكربون، يخشى المزارعون من زيادة التكاليف، ويستعدون للاحتجاج في بروكسل في 18 ديسمبر؛ ما يسلط الضوء على التناقض الذي يواجه سياسات الاتحاد الأوروبي: قطع الغاز الروسي من جهة، وترسيخ اعتماده على موسكو من خلال استيراد الأسمدة من جهة أخرى.