الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
أثبت الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أن البقاء السياسي يعد استراتيجية محكمة؛ فخلال أكثر من 12 عامًا، نجح في تحويل التحديات المستمرة، بدءًا من العقوبات الأمريكية إلى الاحتجاجات الداخلية وانهيار الاقتصاد، إلى أدوات لتثبيت سلطته، ليصبح نموذجًا فريدًا للبقاء في فنزويلا.
وبحسب "سي إن إن"، فبعد أن نجح مادورو في تجاوز موجات الضغط الدولي والاضطرابات الداخلية، أعاد صياغة طريقة حكمه عبر توظيف الأزمات بدلًا من مواجهتها، وتحويلها إلى بنية سياسية تعزز موقعه في الدولة.
وكشفت مصادر مطّلعة أن مادورو اعتمد في مسار بقائه، على شبكة متداخلة من الآليات التي تحولت إلى أساس نظامه، أبرزها إعادة توزيع السلطة داخل المؤسسات، ليس على نحو تقليدي، بل عبر خلق مراكز نفوذ متوازية تُبقي الجميع في حالة اعتماد متبادل عليه.
ويرى الخبراء أن هذا التنظيم سمح له بالسيطرة على مفاصل الدولة، من الحزب الحاكم إلى الأجهزة الرقابية والاقتصادية؛ ما جعل أي محاولة لزعزعة سلطته أمرًا معقدًا ومكلفًا.
وفي الجانب العسكري، رسّخ مادورو ولاء الجيش عبر منحه امتيازات اقتصادية واسعة، ودفعه إلى قلب المشهد السياسي والاقتصادي، بحيث باتت القوات المسلحة شريكًا في إدارة قطاعات استراتيجية، من النفط إلى توزيع الغذاء، وهذا الاندماج بين السلطة والجيش جعل من المؤسسة العسكرية أحد أهم أسباب بقاء النظام رغم كل الضغوط.
خارجيًا، اعتمد الرئيس الفنزويلي على ما أسماه محللون بـ"نموذج مادورو" من خلال استثمار تحالفات دولية ساعدته على الالتفاف على العقوبات وبناء مظلة حماية سياسية واقتصادية؛ فمن الدعم الأمني والاستخباراتي الكوبي، إلى الرافعة الاقتصادية الصينية، وصولًا إلى الحماية الدبلوماسية الروسية والدعم اللوجستي الإيراني، استطاع أن يعوض العزلة الغربية بشبكة دولية تحافظ على توازن نظامه وتتيح له هامش مناورة أوسع.
ويعتقد مراقبون أن الأزمات في فنزويلا لم تتحول إلى تهديد وجودي كما توقع خصومه، بل إلى موارد يستثمرها مادورو لصناعة نظام مرن، قادر على امتصاص الصدمات وإعادة إنتاج نفسه.
ومع استمرار هذا النهج، أصبح مادورو اليوم نموذجًا للبقاء السياسي في بيئة شديدة الاضطراب، بعدما أثبت أن إدارة الأزمات بذكاء يمكن أن تكون أقوى من أي أدوات ضغط تهدف لإسقاطه.
وبينما يواجه الزعيم الفنزويلي الآن أكبر حصار بحري وجوي أمريكي في منطقة البحر الكاريبي منذ عقود، وتزايد الضغط العسكري الأمريكي، تتزايد التساؤلات حول ما إذا كان سينجح مرة أخرى في تحدي الصعاب.