يتعرّض اتفاق الدوحة للسلام بين المجلس العسكري الانتقالي في نجامينا والحركات السياسية والعسكرية التشادية، إلى انتكاسة بعد مضي أزيد من 3 سنوات على دخوله حيز التنفيذ، إذ أعلنت أبرز حركة سياسية في البلاد عن انسحابها منه.
وكشفت مصادر تشادية لـ"إرم نيوز"، عن انسحاب حركة الخلاص الوطني من لجنة نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، متهمة السلطات بغياب الشفافية وضعف الجدية في تنفيذ الالتزامات المرتبطة باتفاقية الدوحة التي تم توقيعها في صيف 2022.
وقالت إن قرار الانسحاب جاء عقب "تقييم دقيق ومسؤول" لمسار عمل اللجنة، وما وصفته بـ"فشل تطبيق الاتفاق على أرض الواقع"، إلى جانب ما اعتبرته اختلالات مستمرة في آليات إدارة الملفات المتعلقة بعملية التسريح وإعادة الإدماج.
بدوره، قال عمر المهدي رئيس حركة الخلاص التشادية، إن "الحركة استنفدت محاولات التعاون والتنبيه بشأن ما تراه تجاوزات ونقائص، دون تحقيق نتائج ملموسة أو أي تغييرات إيجابية"، الأمر الذي دفعها لاتخاذ قرار الانسحاب، معتبراً أن البيئة الحالية لا توفر الشروط اللازمة لضمان عملية عادلة وشفافة تراعي الحقوق وتصون الكرامة.
وأكد في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الحركة جددت التزامها بخيار السلام العادل والشامل، وتدعو الجهات الوطنية والدولية المعنية إلى تحمل مسؤولياتها في تنفيذ الاتفاقات الموقعة، وضمان العدالة والنزاهة في مسارات التسريح وإعادة الإدماج والمصالحة الوطنية".
ويشكل هذا الانسحاب تطوراً مهماً في مسار تنفيذ اتفاق الدوحة، كما يضع اللجنة المكلفة بملف نزع السلاح أمام تساؤلات جوهرية بشأن قدرتها على استيعاب الأطراف الموقعة.
وفي صيف عام 2022، شهدت العاصمة القطرية جولات طويلة من التفاوض امتدت لأشهر، بين الحكومة الانتقالية التشادية وأكثر من 40 حركة معارضة ومسلحة على طاولة واحدة، ليوقعوا ما بات يُعرف بـ"اتفاق الدوحة للسلام".
وكان الاتفاق بمثابة لحظة فارقة، وفرصة تاريخية لطي صفحة عقود من النزاعات والحروب الأهلية التي أنهكت البلاد.
غير أن النزاعات بين السلطات والحركات العسكرية والسياسية خاصة التي لم تلتحق بالحكومة الجديدة تواصلت، وللتخفيف من وطأة الاحتقان أطلق الرئيس محمد إدريس ديبي إيتنو عملية لنزع شاملة للسلاح في المنطقة، إذ "لا ينبغي لأي مدني بأن يحمل سلاحاً حربياً".
ومعلوم أن المهربين وليس الحركات المسلحة وحدها، يقفون وراء اندلاع الاشتباكات في مناطق مناجم ذهب على الحدود التشادية الليبية، حيث يوفر انتشار الأسلحة بشكل غير قانوني مناخاً من عدم الاستقرار.
وتعتبر تيبستي تاريخياً منطقة متمردة، وهي مهد العديد من حركات التمرد الكبرى منذ استقلال تشاد عام 1960.
ومنذ اكتشاف رواسب الذهب فيها عام 2012، أثارت مناجم هذه المقاطعة جشع التجار وآلاف عمال المناجم والجنود التشاديين وأعضاء المعارضة التشادية المسلحة بحثاً عن المعدن الثمين.