بات البحر الأصفر نقطة الاشتعال الجديدة في صراع النفوذ الإقليمي بين الصين والولايات المتحدة، مشيرة إلى أهميته الإستراتيجية في أي مواجهة محتملة بشأن تايوان.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير لها، إن الصين صعّدت، في الفترة الأخيرة، من أنشطتها الاستفزازية في البحر الأصفر، من خلال التوغلات ونصب المنشآت، معتبرة أن هذه التحركات جزء من حملة أوسع تخوضها بكين لتوسيع نفوذها الإقليمي ومنع الولايات المتحدة وجيرانها من تحدي هيمنتها في المنطقة.
ويعد البحر الأصفر، الواقع بين الصين وشبه الجزيرة الكورية، موقعاً إستراتيجياً بالغ الأهمية في حسابات أي صراع مستقبلي مع الولايات المتحدة حول تايوان، حيث ترى الصحيفة أن بكين ستحتاج إلى حرية السيطرة على هذا الممر المائي الحيوي لنشر قوتها البحرية والصاروخية في حال تحركت لاستعادة الجزيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصين كثّفت أخيراً طلعات مقاتلاتها الجوية بالقرب من تايوان، كما قامت بتعقب الدوريات اليابانية خلال تدريبات في الشهر الماضي، بالإضافة إلى مناورات بالذخيرة الحية أجرتها قبالة السواحل الأسترالية هذا العام.
وترى الصحيفة أن الضغوط الصينية في البحر الأصفر تُشكل تحدياً كبيراً لحلفاء الولايات المتحدة، خاصة كوريا الجنوبية واليابان، حيث يتمركز عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين في قواعد قريبة من المنطقة. وعلى الرغم من أن إدارة ترامب كانت قد أشارت إلى إمكانية الاستعانة بهذه القوات في حال اندلاع صراع مع الصين حول تايوان، إلا أن تعاظم النفوذ الصيني في البحر الأصفر قد يقيّد حرية الحركة الأمريكية في أي مواجهة مستقبلية.
وأوضحت أن القدرات البحرية الصينية ومواقع إطلاق الصواريخ الرئيسة تقع في الجزء الصيني من البحر الأصفر، ما يجعلها أهدافاً محتملة للقوات الأمريكية المتمركزة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
كما لفت التقرير إلى أن الصين كثّفت، خلال العامين الماضيين، من ضغوطها على الدول الآسيوية القريبة من الولايات المتحدة. وأظهر تقرير الجيش الكوري الجنوبي أن التوغلات الصينية في المياه الكورية تضاعفت 3 مرات منذ العام 2017، كما تصاعدت التوغلات الجوية بشكل ملحوظ.
والبحر الأصفر، يكتب اسمه من الرواسب الطينية التي يجلبها نهر هوانغ هي (النهر الأصفر)، يضيق في بعض مناطقه بحيث تتداخل المناطق الاقتصادية الخالصة للصين وكوريا الجنوبية.
ورغم إنشاء "منطقة تدابير مؤقتة" منذ أكثر من عقدين لضبط عمليات الصيد غير القانوني والتعاون البيئي، إلا أن هذه المنطقة تحولت إلى ساحة توتر شبه يومية، حيث سجل الجيش الكوري الجنوبي 330 عملية توغل لسفن حربية صينية في المياه الإقليمية الكورية خلال عام 2024 وحده، وهو ما يعادل 3 أضعاف ما كان عليه الوضع في العام 2017.