لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يواجه مهمة صعبة لتحقيق التوازن بين إنهاء الحرب والحفاظ على دعمه السياسي الداخلي، من دون التنازل كثيراً لحركة حماس، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
وبينما تُجرى مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في مصر للبدء في صياغة اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، وهي الخطوة الأولى في خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فإن الأمور ستصبح أكثر صعوبة على نتنياهو.
ومن المفترض أن تأتي القضايا الأكثر تعقيداً، مثل سيطرة القوات الدولية على غزة، ومن سيحكمها على المديين القريب والبعيد، ونزع سلاح حماس، في وقت لاحق، بمجرد إطلاق سراح الرهائن، لكن الحركة ستطلب ضمانات بشأن أكبر عدد ممكن من هذه القضايا قبل تسليم الأسرى، وهو ما يمثل أعظم أداة ضغط لديها على إسرائيل.
حتى لو ظلّت المحادثات تركز على الجوانب اللوجستية، فقد تواجه عقبات، إذ إن مبادلة الرهائن المحتجزين في غزة بأسرى فلسطينيين قتلوا إسرائيليين مسألة حساسة للغاية في إسرائيل، خاصة لدى اليمين المتطرف. وهذا يعني إطلاق سراح شخصيات بارزة مثل مروان البرغوثي الذي يحظى بدعم واسع بين الفلسطينيين.
وتطالب حركة حماس بالإفراج عن البرغوثي وجثتي قائديها في غزة يحيى ومحمد السنوار، بحسب وسطاء عرب، وهو الطلب الذي رفضته إسرائيل في وقت سابق.
بشكل عام، يبدو أن نتنياهو يحظى بدعم كافٍ للموافقة على الجزء الأول على الأقل من خطة ترامب إذا اقتصرت على وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي، وتبادل الأسرى. وقد انتقد وزراء اليمين المتطرف في الحكومة الاتفاق، لكنهم لم يهددوا بإسقاط الحكومة بسببه.
كما أن الرأي العام الإسرائيلي يؤيّد بشدة صفقة الرهائن، فـ 71% من الإسرائيليين يؤيدون خطة ترامب، بمن فيهم غالبية ناخبي ائتلاف نتنياهو، وفقاً لاستطلاع رأي أجرته شركة أغام لابس الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول.
ووفق يعقوب كاتس، وهو زميل بارز في معهد سياسة الشعب اليهودي في القدس، فإن نتنياهو في الوقت الحالي لا يواجه أي تهديد، فتقسيم الصفقة إلى قسمين، الأول يتعلق بالإفراج عن الرهائن، هو أمر ملائم سياسياً لرئيس الوزراء، لأنه يؤجل بعض القضايا التي سيكون من الصعب على شركائه من اليمين المتطرف تقبلها.
وحثّ وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إسرائيل على احتلال غزة بالكامل، وإعادة بناء المستوطنات اليهودية هناك، وتشجيع ما يسمونه "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من غزة، والتي يصفها المنتقدون بالتطهير العرقي، لكن بموافقته على خطة ترامب، بدا أن نتنياهو قد وضع حداً لكل هذه الاحتمالات.
وانتقد سموتريتش قرار تخفيف حدة القتال في غزة ريثما يتم التفاوض على إطلاق سراح الرهائن، بينما صرّح بن غفير بأن حزبه سينسحب من الحكومة إذا لم يتم القضاء على حماس بعد إطلاق سراح جميع الرهائن. وتشير معظم استطلاعات الرأي إلى أن الرجلين سيواجهان صعوبة في الحفاظ على منصبيهما في السلطة إذا أُجريت انتخابات الآن.
وتخشى بعض عائلات الرهائن أن يجد نتنياهو سبيلاً للتملص من إنهاء الحرب، إذ قال يهودا كوهين، والد نمرود كوهين، الجندي الإسرائيلي البالغ من العمر 21 عاماً والمأسور في غزة، ولا يزال على قيد الحياة، وفقاً لمعلومات استخباراتية إسرائيلية نُقلت إلى العائلة: "لا أثق بنتنياهو. لطالما قلت إنه يجب إجباره. ما دام ترامب لم يتخلّ عنهم، فسيحدث ذلك".
ومن المرجّح أن يجد نتنياهو نفسه في "رقصة مألوفة" في وقت أقرب مما كان متوقعا، في ظل محاولته الموازنة بين مطالب ائتلافه والضغوط الدولية والمحلية لإنهاء الحرب.
وقال كاتس: "يواصل نتنياهو لعب دور التوازن الذي دأب عليه طوال هذه الحرب. أبقوا أيديكم مفتوحة تجاه الاتفاق، ولكن لا تصل أبدًا إلى حد تعريض ائتلافه للخطر".