مصدر: أوكرانيا تقصف البنية التحتية النفطية الروسية في بحر قزوين
قالت مصادر أوروبية حكومية وسياسية مطلعة، إن مسؤولين في أجهزة أمنية واستخباراتية، بدول ألمانيا والنمسا وبلجيكا وهولندا وليخنشتاين، عقدوا مؤخراً اجتماعهم الثاني في برلين، وذلك ضمن تكوين البلدان الـ5، مركز معلومات وأرشيفا يجمع الأعمال المشبوهة والمتطرفة التي تقوم بها جماعة الإخوان في القارة العجوز، وذلك عقب اجتماعهم الأول، الأسبوع الماضي في فيينا.
وفتح المسؤولون خلال اجتماعهم الثاني، بحسب مصادر "إرم نيوز"، ملفات استغلال جمعيات إخوانية بأوروبا، الإعفاءات الضريبية بالمخالفة للقانون، ومخطط التسلل في المؤسسات الحكومية والوصول إلى مواقع رسمية مهمة في تلك البلدان، في إطار العمل على امتلاك نفوذ سياسي ومجتمعي يخدم ويدعم الجماعة من خلال التواجد في هذه الدوائر.
وبدأ الأسبوع الماضي في العاصمة النمساوية فيينا، تأسيس مسؤولين في أجهزة أمنية واستخباراتية في 5 دول أوروبية، شبكة معلوماتية بمثابة "صندوق أسود" رسمي ستتعامل على أساسه الجهات المعنية الأمنية والقضائية بين تلك البلدان، ويتم الاعتماد عليه في تقنين الإجراءات، سواء بملاحقة أشخاص أو عناصر أو جمعيات إخوانية، تنشر التطرف وأفكاراً متشددة، وتقوم بأعمال مشبوهة تتعلق بتحويل أموال التبرعات التي يتم الحصول عليها إلى جهات غير معلومة، بالإضافة إلى جرائم أخرى من أبرزها غسل الأموال.
وتهدف تلك الشبكة إلى تمكين أي حكومة أوروبية، الوقوف على جميع الأسانيد والتحقيقات التي تدعم إجراءاتها في حظر أو تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، أو القيام بإجراءات أمنية تجاه شركات أو شخصيات أو جمعيات ومؤسسات إخوانية.
ويقول مصدر استشاري بالحكومة الألمانية، ومطلع على التعامل مع ملف الإسلام السياسي، إنه في إطار دورية اجتماع اللجنة التي بدأت الأسبوع الماضي في فيينا بين مسؤولين أمنيين وفي أجهزة استخباراتية للدول الـ5، انعقد اجتماع جديد الأربعاء الماضي في برلين، وانضم إليه اقتصاديون وقانونيون وساسة من أحزاب في تلك البلدان.
وبين المصدر الحكومي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن اجتماع برلين فتح جوانب مهمة في ملف غسيل الأموال لجماعة الإخوان في الدول الأوروبية، عبر عمل عناصرها وتوسع أنشطتهم في تجميع أموال التبرعات دون وجه قانوني ودون تحديد المصب الذي توجه إليه هذه المبالغ.
وأوضح المصدر الألماني أن اجتماع برلين حدد العمل على تجميع المعلومات الخاصة بقيام جمعيات إخوانية بأعمال تجارية واسعة وعابرة للبلدان بين دول بالاتحاد الأوروبي، مستغلة الإعفاءات الضريبية التي تتمتع بها بأحكام القانون ومن ثم توجه تلك المكاسب لجهات غير معلومة.
وأشار المصدر إلى أن هناك جمعيات إخوانية تقوم بأعمال تجارية وسلعية وتحظى بإعفاءات ضريبية، وتستغل الحدود المشتركة بين عدد كبير من دول الاتحاد، وتحقق أرباحا كبيرة يتم تمريرها إلى مسارات غير واضحة، لافتاً إلى أن هذه المعلومات التي سيتم تبادلها بين البلدان المشتركة في هذا التعاون الأمني والمعلوماتي، سيكون لها أثر كبير في الوقوف على خبايا وخيوط هذا النشاط وانعكاسه على أعمال الجماعة القائمة على "الخفاء" و"السرية".
وأفاد المصدر أن هذا الاجتماع، وقف على الملف الخاص باختراق الجماعة للمؤسسات الحكومية بالدول الأوروبية، وما يتعلق بوجود منهجية لدى التنظيم الدولي بوصول عناصر إخوانية إلى مناصب حكومية وتولي مواقع سياسية واقتصادية واجتماعية طوال العقد الأخير، في إطار العمل على امتلاك نفوذ سياسي ومجتمعي يخدم ويدعم الجماعة من خلال التواجد في هذه الدوائر.
ويؤكد المصدر أنه تم الوقوف في هذا الشق على المضي في التعاون لكشف العناصر الإخوانية المتواجدة في وظائف حكومية أو في مؤسسات اقتصادية وسياسية واجتماعية وفي وزارات، وأيضاً وضع معايير تتعلق بدخول من هم ذوو أصول مهاجرة إلى الوظائف الحكومية والمواقع المؤثرة، ليكون هذا الملف مهيئاً لاتخاذ مساره التشريعي والتنفيذي في ظل وقائع فضحت استهداف تنظيم الإخوان في دول أوروبية عبر قياداته خاصة في السنوات الأخيرة، تأهيل عناصر ممن لديهم جنسية تلك البلدان التي يعيشون فيها، ليقوموا بهذا الدور.
وفي هذا السياق، تقول سياسية فرنسية مطلعة على نشاط الجماعات المتطرفة، إن اختراق مؤسسات الدولة في فرنسا ودول أوروبية، ووصول شخصيات تنتمي لـ"الإخوان" إلى وظائف مؤثرة ومهمة، توجه يستخدم بشكل منظم ومركزي من قيادات التنظيم، وطويل المدى من حيث الوقت لتحقيق أهداف مستقبلية ترى فيها الجماعة أهمية القدرة على التأثير في القرار بتلك البلدان تدريجيا خلال سنوات.
وأضافت السياسية الفرنسية التي رفضت الكشف عن هويتها، في تصريحات لـ"إرم نيوز" ، أن اختراق مؤسسات الدولة بالعمل على تواجد عناصر إخوانية في وظائف حكومية، سواء في باريس أو عواصم أوروبية أخرى، هدفها توسيع دائرة الانتشار خلال السنوات المقبلة، لتكون هناك شريحة كبيرة من الموظفين والمسؤولين ينتمون لجماعة الإخوان ويدينون بالولاء لقياداتها والمحافظين على فكرها.
وبينت أن باريس تتعاون مع دول أوروبية في ملف الإسلام السياسي، ولكن اختلاف التشريعات واللوائح التنفيذية للقوانين بين الدول، يعرقل تنفيذ خطوات على الأرض، الأمر الذي يتطلب أن يكون هناك تعاون منظم وليس على فترات أو مواسم.
وشددت السياسية الفرنسية، على أن التعاون يجب أن يكون بين الحكومات الأوروبية في هذا الملف، ممثلة بالدرجة الأولى في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، للتعامل مع المنظمات الإخوانية التي تعمل على التسويق لأفكار ومعتقدات دينية متطرفة، وضحت بشكل كبير في المجتمع الفرنسي خلال الفترة الأخيرة، وأصبحت تمثل خطراً كبيراً على مبادئ المواطنة والمساواة، وتحمل جانباً كبيراً من نشر الكراهية بحسب الدين والمعتقد.
وبدوره، يرى الباحث في ملف الإسلام السياسي، مصطفى أمين، أن التحرك الأوروبي تجاه الإخوان يسبق التحرك الأمريكي الجاري مع الرئيس دونالد ترامب، حيث إن هناك عدة دول بالقارة العجوز شكلت لجان تحقيق لحصر أنشطة الإخوان وتوجهاتهم، من بينهم لجنة جون جينكينز في بريطانيا لكنها لم تصل في النهاية إلى إجراءات تشبه حظر الإخوان أو اعتبار الجماعة إرهابية، ولكن تلك اللجنة رصدت حركة أموال مشبوهة يقوم بها التنظيم عبر العديد من الأنشطة سواء الدعوية أو الجمعيات الخيرية والأنشطة الإغاثية وصولا إلى العمل الاستثماري.
وبين أمين في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذه اللجنة أوصت في وقت سابق بضرورة مراقبة الإخوان لأن نشاطهم غير واضح وليس محددا ولا يخضع للقوانين الأوروبية، مشيراً إلى أن بريطانيا لديها آلية محددة لكنها في الوقت ذاته غير مسيطرة على نشاطهم أو يبدو كذلك في إطار ممارسة الإخوان أساليب التلاعب والالتفاف على القوانين الأوروبية في ظل ما يدعمهم من عمليات تجنيس لعناصرهم وتواجدهم بشكل بارز في جمعيات حقوق الإنسان وغيرها سواء في بريطانيا أو أوروبا، مما يشكل لهم مظلة حمائية هناك.
واعتبر أمين أن من أكثر التشابكات التي تواجه الدول الأوروبية التي تريد التعامل مع تهديدات الجماعة، مدى استخدام واستغلال عناصر الأخيرة ثغرات القوانين، وهو ما ينعكس في فرنسا التي تواجه تعقيدات في ذلك بسبب ما تحمله التشريعات من أوجه حقوقية يتم تطويعها لصالحهم ونفس الحال في ألمانيا باعتبار أن أعداد المهاجرين المسلمين فيها كبيرة وشهدت حالات لجوء واسعة مؤخرا.
وصرح أمين أن تواجد الإخوان الذي يحاول الأوروبيون التعامل معه جاء في ظل غرس أقدامهم مع توجه للجماعة في الستينيات من القرن الماضي بالتوطن في القارة العجوز ووسعوا من حضورهم في السبعينيات والثمانينيات وبات وجودهم قويا بتأسيس مراكز إسلامية وجمعيات خيرية ومؤسسات حقوقية وتحركوا إلى أنشطة متعددة في المجال الاستثماري والبنوك، لدرجة أن بعضهم بحكم الجنسية وصل لمواقع حكومية مهمة.
واستكمل أمين أن أوروبا مجبرة على التماهي مع التصنيف الأمريكي الذي يتم للإخوان في ظل وجود ارتباطات مالية مثل نظام السويفت وارتباطات متعلقة بقوانين الاستثمار من جهة والتعامل الأمني بين الأجهزة المعلوماتية والاستخباراتية ، وهي أمور ستجبر عددا من الدول الأوروبية، أما حظر جماعة الإخوان أو على الأقل، تقييد حركتها بشكل مؤثر.
وأردف أمين أن هذا الأمر يزعج الإخوان، ولكن يجب الوضع في الاعتبار أن هذا التضييق من الممكن أن يدفعهم للتوجه إلى ملاذات آمنة في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، ولكن في النهاية التصنيف الأمريكي سيشكل ملاحقة وضربة متجددة في الفترة المقبلة للجماعة.