logo
العالم

مع ترنّح التحالف الأمريكي.. هل تعيد أوروبا بوصلتها نحو الصين؟

علما الصين والاتحاد الأوروبيالمصدر: رويترز

تواجه أوروبا تحدياً وجودياً يتمثّل في إعادة صياغة علاقتها بالصين، بعد سنوات من التبعية للسياسة الأمريكية، إذ لم يعد النهج التقليدي الذي اعتمدته بروكسل قابلاً للاستمرار، بحسب تحليل لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

وبينما أصبحت بكين قوة متنافسة تجذب وتدفع في اتجاهات متعارضة، تترنح العلاقات عبر الأطلسي تحت وطأة عدم اليقين في واشنطن، ما يفرض على الاتحاد الأوروبي إعادة تقييم استراتيجيته، محاصرًا بين قوتين عظميين.

تاريخيًا، كانت سياسة أوروبا تجاه الصين مرآة لواشنطن. عندما أعلن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما "التوجه نحو آسيا" في عام 2011، ثم انحرف نحو اضطرابات الشرق الأوسط، خدع الأوروبيون أنفسهم باعتقاد أن علاقتهم مع آسيا يمكن أن تقتصر على الجانب التجاري، متجاهلين الأبعاد الأمنية.

ورغم التوترات المتصاعدة في بحر الصين الجنوبي وشبه الجزيرة الكورية ومضيق تايوان، ركزت الحكومات الأوروبية على الاقتصاد، معتبرة مبادرة "الحزام والطريق" الصينية مشروعاً تجارياً بحتاً دون دلالات استراتيجية، ولم يتغير هذا النهج إلا مع تدهور العلاقات الأمريكية-الصينية تحت إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن. 

وتحول النظر "الأوروبي" إلى الصين من شريك إلى منافس وخصم منهجي، مع إدخال مفاهيم مثل فحص الاستثمارات، التعريفات الجمركية، وضوابط التصدير إلى السياسة الأوروبية، إذ رفض الاتحاد الأوروبي فكرة "الانفصال" عن بكين، معتبرًا إياها غير مرغوبة ومستحيلة، مفضلاً بدلاً من ذلك "تخفيف المخاطر".

أخبار ذات علاقة

 رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث

رئيس الوزراء الإسباني يدعو لعلاقات أكثر توازناً بين أوروبا والصين

ويتسق هذا المفهوم مع الاستقلال الاستراتيجي والأمن الاقتصادي الأوروبيين، لكن توقيته يشير بوضوح إلى أن واشنطن كانت "نجم الشمال" الذي يوجه بروكسل، إذ كان هذا النهج فعّالاً طالما بقيت العلاقات عبر الأطلسي قوية ونهج واشنطن تجاه الصين متوقعًا.

 لكن اليوم، تغير الوضع، إذ يضغط ترامب على الأوروبيين لفرض تكاليف على الصين، مثل عقوبات ثانوية على مشتري النفط الروسي، لكنه قد لا يدعم أوروبا في أوكرانيا أو يمارس ضغوطًا اقتصادية حقيقية على بكين. 

وفي الحرب التجارية، احتفظت الصين باليد العليا، ويعامل ترامب أوروبا كتابعة، سعيداً برؤيتها تتحمل الألم الاقتصادي نيابة عنه، بينما يتجنب التكاليف الشخصية. كما هو معتاد مع الرئيس الأمريكي، فإن التصعيد أو الصفقات مع بكين يشبهان رمي العملة، غالباً فوق رؤوس الشركاء الأوروبيين والآسيويين.

أخبار ذات علاقة

الجيش الصربي

تتجه إلى أوروبا والصين.. صربيا تلغي عقود أسلحة مع روسيا

 وتابعت الصحيفة أنه مع غياب "نجم الشمال" الأمريكي، يُترك الأوروبيون ليكتشفوا آراءهم الحقيقية تجاه الصين. هل يضاعفون الحمائية التجارية لمواجهة الفائض الصناعي الصيني، أم يشجعون نقل التكنولوجيا، متجنبين حرباً تجارية، ويبنون استراتيجية مشتركة مع آسيا لإنقاذ النظام التجاري العالمي؟.

معضلتان أساسيتان

لكن التقارب الصيني الأوروبي يواجه معضلتين أساسيتين، الأولى تتعلق بمستقبل الديمقراطية الليبرالية في القارة، المهددة بصعود القوى اليمينية المتطرفة، الشعبوية، والقومية، مع الاستقطاب والتضليل، فعلى عكس روسيا أو حركة "ماغا" الأمريكية، لا تدعم الصين هذه القوى صراحة، ولا تصدر نموذجها الحكومي.

أما المعضلة الثانية فهي أمنية، وتتركّز على الحرب في أوكرانيا، إذ لا تستطيع أوروبا إجبار الصين على التخلي عن روسيا أو وقف تجارتها، كما أنها في المقابل لا تستطيع تجاوز التعاون الوثيق بينهما، فقد صدّرت بكين لموسكو تكنولوجيا مزدوجة الاستخدام، ولم تفعل شيئاً لإنهاء الصراع.

وتخلُص "الغارديان" إلى أن  على أوروبا صياغة سياسة مستقلة، ربما تعيد "العودة" إلى الصين بطريقة متوازنة، لتجنب الانهيار تحت وطأة القوتين العُظميين.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC