الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
مع اقتراب موعد قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها جنوب أفريقيا للمرة الأولى في تاريخ القارة، تتجه الأنظار إلى مقترحات غير تقليدية طرحها تقرير خبراء مكلف من رئاسة جنوب أفريقيا، وعلى رأسها فكرة بيع جزء من احتياطيات الذهب الضخمة التي يحتفظ بها صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج واسع لتخفيف عبء الديون عن الدول الأفريقية.
هذه المقترحات التي وصفها الرئيس سيريل رامافوزا بـ"الواعدة"، أثارت نقاشاً واسعاً حول جدوى استخدام الذهب كأداة إنقاذ مالي للدول المثقلة بالديون، بحسب مجلة "جون أفريك".
وفق التقرير الذي عُرض على رامافوزا قبيل القمة، يعيش أكثر من 3.4 مليار شخص في دول باتت تنفق على خدمة ديونها أكثر مما تصرفه على التعليم أو الرعاية الصحية.
ويأتي هذا التحذير ليعكس اتساع الفجوة المالية في دول الجنوب العالمي، وخاصة أفريقيا التي تواجه مستويات مديونية متسارعة، في ظل ارتفاع الفوائد وتشدد شروط الاقتراض.
يدعو التقرير مجموعة العشرين للتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإطلاق برنامج ضخم لإعادة تمويل ديون الدول منخفضة الدخل، وهي خطوة تُعد ضرورية لتفادي موجة تعثر جديدة تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في القارة.
هل يمكن لصندوق النقد أن يموّل الحل؟
تتمثل أكثر النقاط إثارة للجدل في التقرير في مقترح يقوده تريفور مانويل، وزير المالية الجنوب أفريقي السابق ورئيس لجنة الخبراء، يدعو فيه إلى بيع جزء من مئات الأطنان من الذهب التي يحتفظ بها صندوق النقد الدولي.
يرى مانويل أن الخزانة الذهبية للصندوق تمثل "حلاً بديهياً" لا يكلّف الممولين شيئاً، ويمكن عبره توفير مئات المليارات لتمويل عمليات تخفيف الديون للدول الأكثر هشاشة.
ويشدد على ضرورة إنشاء آلية شفافة تضمن استخدام العائدات بشكل يخدم الدول المحتاجة دون خلق أعباء جديدة.
بدوره رحّب رامافوزا بالفكرة بحماسة لافتة قائلاً إن "منجم الذهب في صندوق النقد الدولي" يمكن أن يصبح مورداً أساسياً لتمويل الجزء الأكبر من ديون دول الجنوب العالمي.
كما دعا إلى تأسيس ناد للمقترضين يسهّل تبادل الخبرات ويعزز مراجعة ممارسات الإقراض، في خطوة تهدف إلى تحقيق توازن أكبر في علاقة أفريقيا بالمؤسسات المالية العالمية.
لا يكتفي التقرير باقتراح حلول مالية، بل يذهب أبعد من ذلك نحو إعادة هيكلة المنظومة المالية العالمية. إذ يدعو وكالات التصنيف الائتماني الكبرى، مثل موديز، وستاندرد آند بورز، وفيتش، إلى الكشف عن منهجيات تقييم المخاطر الخاصة بالدول الأفريقية، في ظل اتهامات متكررة لها بانتهاج معايير "غير عادلة" ترفع كلفة الاقتراض على الدول النامية.
ويحذر رامافوزا من أن حكومات أفريقية تضطر إلى التخلي عن مشاريع تنموية أساسية لتسديد ديونها، مستشهداً ببلوغ حجم الدين العام للدول النامية 31 تريليون دولار في 2024، وهو رقم يختصر حجم التحديات التي تواجهها القارة.
اختبار في إنقاذ اقتصادات الجنوب
تواصل جنوب أفريقيا الدفع بقوة نحو إدراج استدامة الديون ضمن أولويات قمة العشرين، باعتبارها إحدى أكبر الأزمات التي تهدد مستقبل التنمية في القارة.
لكن السؤال الجوهري يبقى، هل يملك المجتمع الدولي الإرادة السياسية لفتح خزائن صندوق النقد، حرفياً، لمساعدة أفريقيا؟
ستكون القمة المقبلة في جوهانسبرغ اختباراً حاسماً لجدية الاقتصادات الكبرى في معالجة الجذور العميقة لأزمة الديون، بعيداً عن الوعود التقليدية والحلول المؤقتة.