logo
العالم

خطة روسية جريئة.. 12 ألف كوري شمالي يقتحمون خطوط إنتاج المسيرات

جنود من روسيا يستعدون لإطلاق مسيّراتالمصدر: twz

أكد الخبراء أن الخطوة الروسية باستقدام نحو 12 ألف عامل وفني من كوريا الشمالية تمثل تحولًا جريئًا في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، لأنها تمنح موسكو قوة بشرية عالية الانضباط يمكن توظيفها مباشرة في تطوير المسيّرات وتوسيع خطوط إنتاجها، في وقت تواجه فيه روسيا ضغوطًا متزايدة وتحتاج لقدرات تقنية إضافية لا تلبيها إيران أو تركيا.

وأضاف الخبراء لـ"إرم نيوز"، أن بيونغ يانغ، التي تمتلك خبرة متقدمة في التقنيات العسكرية رغم عزلتها، قد تصبح عنصرًا حاسمًا في تعزيز التفوق الروسي على الجبهة الأوكرانية، بما قد ينقل سباق التسلح إلى مرحلة جديدة ويغيّر موازين الصراع خلال الفترة المقبلة.

وبحسب تقرير حديث للاستخبارات الأوكرانية، تستعد روسيا بالفعل لاستقبال نحو "12 ألف عامل من كوريا الشمالية للمشاركة في تصنيع المسيرات بحلول نهاية العام.

وتشير المعلومات إلى أن هؤلاء العمال سيتوجهون إلى "مجمع ألابوغا" في جمهورية تتارستان، وهو المنشأة التي تنتج الجزء الأكبر من مسيرات "شاهد" ذات التصميم الإيراني، والتي تُطلق عليها موسكو أسماء "جيران" و"جيربيرا" ضمن خطوطها المحلية.

ويتزامن ذلك مع اتفاق أبرمته موسكو مع شركة "جيهيانغ" للتجارة التكنولوجية، والتي تعد واجهة لشركة "غرين باين" الكورية الشمالية، مركز تجارة الأسلحة في بيونغ يانغ،  وهو تعاون يفتح الباب أمام مستوى جديد من الشراكة العسكرية - الصناعية بين البلدين، وسط اتهامات غربية بأن روسيا باتت تعتمد بشكل متزايد على القدرات الكورية الشمالية لتعويض استنزاف الترسانة الروسية خلال الحرب.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الروسي بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم كونغ أون

ميدفيديف لكيم: بوتين حريص على تعزيز العلاقات مع كوريا الشمالية

وتنظر كييف بقلق بالغ إلى هذه التحركات، خصوصًا أنها تأتي في وقت تخوض فيه حرب استنزاف طويلة تعتمد فيها موسكو على كثافة الإنتاج لتعويض خسائرها في الجبهة، وتشير جهات أوكرانية إلى أن وصول آلاف العمال الكوريين الشماليين قد يضاعف القدرة الإنتاجية للمصانع الروسية، ويختصر الزمن اللازم لملء مخازن موسكو بالمزيد من المسيرات.

وقد تبدو الخطوة الروسية في ظاهرها "اقتصادية ــ تقنية"، لكنها في جوهرها تحمل أبعادًا استراتيجية قد تعيد رسم قواعد الاشتباك بين روسيا وكييف، في وقت يشتد فيه الصراع على التفوق في مجال الطائرات المسيّرة، السلاح الأكثر تأثيرًا على جبهات القتال خلال العامين الأخيرين.

ميزان الاشتباك

وقال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إن المشاركة القتالية للقوات الكورية الشمالية في الساحة الروسية تمنح انطباعًا واضحًا بأن بيونغ يانغ تمتلك قوة بشرية ضخمة قادرة على إحداث تأثير مباشر في أي معركة.

وأشار لـ"أرم نيوز" أن وجود هذه الأعداد الكبيرة من الجنود الكوريين في مواقع العمليات يعني تغييرًا في "ميزان الاشتباك"، خصوصًا في ظل التوترات المتصاعدة على الجبهة الأوكرانية.

وذكر كابان أن الوجود الكوري الشمالي في روسيا، لا سيما في المجالات المتعلقة بتطوير "المسيرات"، سيعزز قدرة موسكو على توسيع نطاق مواجهتها مع أوكرانيا، في وقت تشهد فيه كييف حشدًا واسعًا بدعم غربي كبير"، مبينًا أن دخول كوريا الشمالية على خط الصراع يحمل تأثيرًا يتجاوز البعد العسكري إلى "البعد السياسي" والدولي.

وأشار إلى أن مشاركة كوريا الشمالية، التي لطالما هددت المجتمع الدولي بأسلحتها "النووية"، تأتي في سياق تتبع فيه روسيا جزءًا من سلوكيات بيونغيانغ، بما يعكس تناميًا في "التحالف الاستراتيجي" بين البلدين"، مؤكدًا أن هذا التحالف سيقوي الموقف الروسي ميدانيًا، خاصة مع الحضور المباشر للجنود الكوريين الشماليين.

 

 

ولفت كابان  إلى أن روسيا كانت تعتمد سابقًا على إيران وجهات أخرى لدعم صناعة "المسيرات"، بينما لا تستطيع تركيا تلبية الاحتياجات الروسية بسبب التزاماتها داخل حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وهذا يجعل الاعتماد على كوريا الشمالية خيارًا محوريًا لموسكو.

وأضاف أن الجنود الكوريين الشماليين يتوافدون إلى روسيا لتنفيذ مهمات تشمل الدعم العسكري، وتعزيز صناعة الأسلحة، وتطوير "التقنيات المسيرية"، لافتًا إلى تقارير تشير إلى سقوط أعداد من الجنود الكوريين الشماليين خلال مشاركتهم في الحرب، ما يعكس وفق تعبيره مدى الانخراط الحقيقي لبيونغ يانغ في المعركة.

وأوضح كابان  أن ذلك الانخراط يوجه رسالة بأن موسكو وبيونغ يانغ تسعيان لترسيخ تحالف قد يتسع عند تعرض كوريا الشمالية لأي ضغوط غربية، مؤكدًا أن الحضور الكوري الشمالي، المعلن بنحو 12 ألف جندي وربما أكثر، سيحدث فارقًا حقيقيًا على الأرض، الأمر الذي يثير مخاوف دولية واسعة في ظل صعوبة ضبط تحركات كوريا الشمالية وتنامي تقاربها العسكري مع روسيا.

تحول نوعي

من جانبه، قال الدكتور عبد المسيح الشامي، خبير العلاقات الدولية والمختص في الشؤون الأوروبية، إن التعاون بين كوريا الشمالية وروسيا ليس جديدًا، بل هو تعاون قديم تتجدد مفاعيله اليوم بصورة أكثر تأثيرًا، مبينًا أن ذلك التعاون يترك أثرًا كبيرًا على قدرة موسكو على الصمود وتحقيق "تفوق ميداني" واضح في الساحة الأوكرانية.

وأكد لـ"إرم نيوز"، أن كوريا الشمالية تشارك بشكل واسع في مجالات "التكنولوجيا العسكرية" و"المقاتلين" والدعم اللوجستي المرتبط بالحرب، مشيرًا إلى أن هذا الدور بات عنصرًا مهمًا في تعزيز القدرات الروسية، خصوصًا في ما يتعلق بالمسيرات.

أخبار ذات علاقة

كيم جونغ (يمين) بوتين (يسار)

بوتين يشيد بجنود كوريا الشمالية وكيم يتعهد بالدعم الكامل لروسيا

وأضاف الدكتور الشامي أن ما يجهله كثيرون هو مدى تطور كوريا الشمالية في "التقنيات العسكرية" رغم عدم مشاركتها المباشرة في حروب، مؤكدًا أن ذلك لا يعني ضعف إمكاناتها بل قد يجعلها من أكثر الدول تقدمًا في هذا المجال.

وأشار إلى أن البيئة المنعزلة لكوريا الشمالية عن الرقابة الدولية تمنحها مساحة أوسع للتجريب والتطوير، ما يتيح إنتاج "أسلحة نوعية" غير متاحة لكثير من الدول"، مبينًا أن روسيا تحتاج اليوم إلى مثل هذه القدرات، ما يجعل التعاون بين البلدين عاملًا مؤثرًا في موازين القوة.

وأوضح الدكتور الشامي أن ذلك التعاون قادر على إحداث تحول نوعي في قدرة روسيا على التصدي للمسيرات الأوكرانية، فضلًا عن تعزيز قدرتها الهجومية عبر "تقنيات متقدمة" موجودة أصلًا لدى موسكو وتمتلك بيونغ يانغ مهارة تطويرها.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC