يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطًا متصاعدة من وزرائه وأعضاء حزبه للمضي نحو خطوة قد تُدخل إسرائيل في مواجهة دبلوماسية معقدة: ضم الضفة الغربية.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الدعوات جاءت كرد مباشر على موجة الاعترافات الغربية الأخيرة بالدولة الفلسطينية، والتي قوبلت داخل الحكومة الإسرائيلية بمطالب بإنهاء هذا المسار عبر فرض السيادة الكاملة على الأراضي المحتلة.
لكن حسابات نتنياهو ليست بسيطة؛ فالضم قد يهدد مكتسبات سنوات من العمل على تطبيع العلاقات مع العالم العربي وفقا للصحيفة.
وعد نتنياهو برد قوي على الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، حيث يُطرح الضم كخيار أقصى، بينما تدرس إسرائيل بدائل أقل حدّة، مثل تضييق الخناق الاقتصادي على الفلسطينيين أو تقليص العلاقات القنصلية مع دول رائدة في مسار الاعتراف مثل فرنسا.
ومع عودته من اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، أعلن نتنياهو أنه سيكشف عن قراره، في خطوة توحي برغبته في إبقاء المجتمع الدولي في حالة ترقب.
تتمثل المعضلة التي يواجهها نتنياهو في موازنة تطلعات قاعدته السياسية اليمينية، التي ترى في الضم "استعادة لأرض الأجداد"، مقابل مخاطر فقدان الشركاء العرب أو تعريض العلاقة مع الولايات المتحدة لامتحان صعب.
يُكثف المجتمع الدولي ضغوطه على إسرائيل لإنهاء الحرب المستمرة في غزة منذ عامين، والتي اندلعت بعد هجمات حماس وأسفرت عن سقوط أكثر من 65 ألف قتيل فلسطيني بحسب السلطات المحلية، إلى جانب مقتل 1200 إسرائيلي.
وفي هذا السياق، أعلنت أستراليا وكندا والمملكة المتحدة وفرنسا اعترافها الرسمي بالدولة الفلسطينية، لتلتحق بمبادرة تقودها السعودية وفرنسا.
وعمّقت هذه التطورات عزلة إسرائيل الدولية، ودفعت مزيدًا من الأصوات داخل حكومتها إلى الدعوة للضم باعتباره "الرد الصهيوني الأمثل"، على حد وصف وزير الاتصالات شلومو كرحي.
وسياسيًا، يُدرك نتنياهو أن التلويح بالضم يضمن له دعم قاعدته اليمينية التي اعتادت سماع وعوده بفرض السيادة، كما حدث في انتخابات 2019 عندما لوّح بضم غور الأردن؛ لكن التنفيذ يحمل مخاطر جمّة: تهديد اتفاقيات التطبيع، وتصاعد الضغوط الدولية، واحتمال تفكك ائتلافه الحكومي إذا شعر شركاؤه أنه يتردد أو يتراجع.
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقة مع الولايات المتحدة تبقى متغيرًا معقدًا؛ فبينما تبدي إدارة ترامب مرونة أكبر من إدارة بايدن السابقة، إلا أنها لا تملك خطوطًا حمراء واضحة؛ وإذا تضررت الاتفاقيات بفعل الضم، فقد تجد واشنطن نفسها في موقف محرج يصعب الدفاع عنه.
في النهاية، يقف نتنياهو أمام لحظة مفصلية: إما أن يثبت لقاعدته اليمينية أنه قادر على تنفيذ تهديداته التاريخية بضم الضفة، أو أن يغامر بخسارة ثقة داعميه ويُتهم بعدم الوفاء بوعوده لكن أي قرار يتخذه لن يقتصر أثره على الداخل الإسرائيلي؛ بل سيمتد ليعيد رسم ملامح علاقة إسرائيل بمحيطيها الإقليمي والدولي.