أصدرت الأمم المتحدة والسفارات الأجنبية تعليمات عاجلة لموظفيها بالبقاء داخل منازلهم وعدم الخروج إلى شوارع العاصمة بورت أو برانس أمس الاثنين، بعد انتشار تهديدات علنية من زعيم عصابة هايتية شهيرة، في حين ألغت الشرطة الوطنية جميع إجازات أفرادها حتى إشعار آخر، وسط حملة أمنية مشتركة تتصدى لسيطرة العصابات على المدينة.
وأكد ماثياس غيلمان، المتحدث باسم المكتب المتكامل للأمم المتحدة في هايتي، لشبكة "فوكس نيوز"، أن الإرشادات الأمنية دعت الموظفين إلى العمل عن بعد طوال اليوم، مع تقييد التنقل في منطقة الغرب.
وأتت هذه الإجراءات كرد فعل فوري على تهديدات انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة، عقب عمليات أمنية ناجحة نفذتها الشرطة الوطنية الهايتية وقواتها المسلحة، بالتعاون مع قوة قمع العصابات (GSF) – المهمة الدولية المعتمدة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
في فيديو انتشر يوم الأحد عبر وسيلة إعلامية هايتية مستقلة، ظهر جيمي شيريزييه – المعروف بلقب "باربكيو"، زعيم تحالف العصابات "G-9" – وهو يحث السكان على البقاء في منازلهم يوم 17 نوفمبر لتجنب الوقوع ضحايا للعنف.
وقال شيريزييه: "من لا يحتاج إلى الخروج، فليبقَ في المنزل. اتركوا الشوارع لـ(فيف أنسانم) والشرطة حتى نواجههم".
يُعد "فيف أنسانم" تحالفًا عصابيًا تشكل في سبتمبر 2023 من اتحاد الفصيلين الرئيسيين في بورت أو برانس، G-9 وG-Pép، وقد صنفته وزارة الخارجية الأمريكية في مايو الماضي كمنظمة إرهابية عالمية مميزة ومنظمة إرهابية أجنبية.
وشهدت المدينة توترًا متزايدًا بعد عملية أمنية مشتركة أعلنت عنها قوة قمع العصابات يوم الأحد عبر منصة "إكس"، استهدفت قيادات وعناصر عصابة "400 ماووزو"، مما أسفر عن مقتل عدة أعضاء من العصابة.
وأسفرت العملية، التي نفذت يوم الجمعة، عن ضبط أسلحة متعددة، بما في ذلك بندقية بريت M50 عيار 50، وست بنادق هجومية، وثلاث مسدسات.
وأكدت القوة في بيانها: "ترسل هذه العملية رسالة واضحة وغير مشروطة: عصر سيطرة العصابات دون رادع قد انتهى. إن مؤسسات الأمن الهايتية تُحشد كل الإمكانيات المتاحة – على البر، والبحر، والجو – لاستعادة السلام، وحماية المجتمعات، وضمان ممارسة كل هايتي لحقوقه الأساسية دون خوف من العنف. ستستمر العمليات الاستخباراتية المشتركة والدوريات الأمنية المستمرة حتى هزيمة هذه الجماعات الإجرامية نهائيًا".
أثناء العملية، هبطت مروحية تابعة للشرطة الوطنية الهايتية – كانت تقدم دعمًا جويًا – اضطراريا بسبب عطل ميكانيكي، وتم إجلاء الفريق على متنها بواسطة وحدات أرضية تعرضت لإطلاق نار كثيف من العصابات أثناء عملية الإنقاذ.
وفي تطور آخر، تبادلت قوات المارينز الأمريكية – التي تحمي السفارة الأمريكية في هايتي – إطلاق النار مع مشتبهين بعضوية في العصابات يوم الخميس، دون إصابة أي من الجنود.
ويأتي هذا الحادث وسط مخاوف متزايدة من تفاقم الوضع الأمني في البلاد، حيث تسيطر العصابات على أجزاء واسعة من بورت أو برانس، مما يعيق جهود الاستقرار والإغاثة الدولية.
من جهته، مدد مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرار حظر الأسلحة والمعدات العسكرية المفروض على هايتي لعام آخر، وأضاف شخصين إلى قائمة العقوبات.
ووُضع نظام العقوبات في العام 2022 سعيا لوقف العنف المتصاعد مع اجتياح العصابات للبلاد، لكن الوضع تدهور منذ ذلك الحين.
في الأساس فُرض الحظر على أسلحة محددة، وتم تشديده لاحقا ليشمل جميع عمليات نقل الأسلحة إلى هايتي مع استثناءات تشمل تلك الموجهة لقوات إنفاذ القانون المحلية والقوات الدولية المنتشرة لمساعدتها.
وحذر مجلس الأمن من أن العنف المستمر الذي تمارسه العصابات "يساهم في تقويض سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وقد يعيق تقديم المساعدة الإنسانية وقد تكون له عواقب إنسانية واجتماعية واقتصادية سلبية واسعة النطاق".
لكن فاعلية العقوبات حتى الآن لا تزال موضع شك.
ولطالما عانت هايتي، أفقر دولة في نصف الكرة الأرضية الغربي، من عصابات إجرامية عنيفة ترتكب جرائم قتل واغتصاب ونهب واختطاف في ظل عدم استقرار سياسي مزمن، وفق تقارير صحفية.
وبحسب تقرير لوكالة "فرانس برس"، تدهور الوضع بشكل حاد منذ مطلع العام 2024، عندما أجبر هجوم عصابات منسق رئيس الوزراء آنذاك أرييل هنري على التنحي.
كذلك، فرضت الأمم المتحدة حظر سفر وتجميد أصول على ديمتري إيرار الذي كان مسؤولا عن أمن الرئيس جوفينيل مويز وقت اغتياله عام 2021، وعلى زعيم عصابة أرجنتيني هو كيمبيس سانون.
وأعلنت الولايات المتحدة الجمعة أنها ستفرض عقوبات أيضا على إيرار وسانون.
وينضم هذان إلى تسعة أفراد ومجموعتين من بينهما تحالف العصابات "فيف أنسانم" وزعيمه جيمي شيريزييه الملقب بـ"باربكيو" على قائمة العقوبات.