تتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا بشكل ملحوظ بعد نشر واشنطن سفنًا حربية قبالة السواحل الفنزويلية، وسط استمرار الضغوط على الرئيس نيكولاس مادورو، الذي تعتبره الإدارة الأمريكية زعيمًا غير شرعي.
وتعكس هذه التحركات جزءًا من إستراتيجية أوسع لإعادة ترسيخ الهيمنة الأمريكية في نصف الكرة الغربي، وفقًا لإستراتيجية الأمن القومي الجديدة للبيت الأبيض، التي تعيد تأكيد مبدأ مونرو لعام 1823 وتضع الأمريكتين ضمن دائرة النفوذ الأمريكي، معارضة بذلك التدخلات الخارجية.
شهدت الفترة الأخيرة تصعيدًا في الإجراءات الأمريكية تجاه فنزويلا، بدءًا من مصادرة ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات؛ ما أثار حالة من القلق لدى مالكي السفن والوكالات البحرية العاملة في المنطقة.
ووصف مادورو هذه العمليات بأنها "عمل من أعمال القرصنة الدولية".
إلى جانب ذلك، أعلنت الإدارة الأمريكية سلسلة عقوبات جديدة تستهدف عائلة مادورو، في خطوة تهدف إلى زيادة الضغط السياسي والاقتصادي على نظام كاراكاس.
ووصفت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم عمليات الاستيلاء على ناقلات النفط بأنها جزء من حملة مكافحة المخدرات الأمريكية في أمريكا اللاتينية، مؤكدة أنها تهدف إلى "صد نظام يُغرق البلاد بالمخدرات القاتلة".
تشير بيانات تتبع الرحلات الجوية وتحليلات مفتوحة المصدر إلى ارتفاع نشاط القوات الجوية الأمريكية قرب فنزويلا، بما يشمل نشر طائرات إف-35 لدعم عملية "ساوثرن سبير"، المصممة رسميًّا لتفكيك شبكات المخدرات.
وتشارك في العمليات البحرية والطيران التكتيكي قاذفات B-52 وطائرات F/A-18 سوبر هورنت وطائرات الحرب الإلكترونية EA-18G، على متن حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد آر فورد، في تدريبات تحاكي ضربات محتملة على أهداف فنزويلية.
ويشكل هذا الانتشار نحو 15% من إجمالي البحرية الأمريكية، ويضم آلاف الجنود والبحارة.
ردًّا على الضغوط الأمريكية، أكد مادورو استعداد الجيش الفنزويلي للدفاع عن سيادة البلاد ومواردها، وأدى 5600 جندي اليمين الدستورية في مراسم رسمية، في إشارة إلى جهوزية القوات لأي مواجهة.
في المقابل، هدَّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشن "ضربات برية" على فنزويلا، مؤكدًا أن "أيام مادورو باتت معدودة" وأن العمليات العسكرية الأمريكية وشيكة، دون كشف تفاصيل دقيقة عن طبيعة تلك الضربات.
تشير المؤشرات الثلاثة، التصعيد الاقتصادي والعقوبات، والتحركات العسكرية المكثفة، وتهديدات القيادة الأمريكية المباشرة، إلى احتمال تصعيد عسكري قريب بين واشنطن وكاراكاس.
وفي ظل سعي الإدارة الأمريكية لإعادة تأكيد النفوذ في نصف الكرة الغربي، يواجه مادورو خيارًا صعبًا بين مواجهة مفتوحة أو الاستجابة لضغوط واشنطن؛ ما يضع فنزويلا على حافة مواجهة قد تغيّر ميزان القوى في أمريكا الجنوبية.