قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن روسيا، ترغب بالسيطرة على المزيد من أراضي أوكرانيا رغم أن الحرب أنهكتها.
ونقلت الصحيفة عن العديد من الجنود الروس أنهم يعتبرون وقف إطلاق النار على طول خطوط المواجهة الحالية فشلًا.
وألمح الجنود إلى الاستياء القومي الذي قد يواجهه الكرملين في حال قبوله وقف إطلاق النار.
وفي حين اتهم العديد من الأوكرانيين وحلفائهم الأوروبيين، في خضمّ المناورات الدبلوماسية حول الحرب في أوكرانيا، الرئيس ترامب بتقديم تنازلات كثيرة للكرملين لضمان اتفاق سلام سري، تبدو الأمور مختلفة تمامًا عن خنادق روسيا ومستشفياتها العسكرية.
وأشار التقرير إلى أنه بالنسبة للعديد من الجنود الروس وأنصارهم القوميين، فإنّ مقترحات السلام من واشنطن لا تُعدّ كافية.
وبحسب الصحيفة، أعرب 11 جنديًا روسيًا يقاتلون أو قاتلوا في أوكرانيا، في مقابلات، عن شكوكهم العميقة في الجهود الدبلوماسية التي أسفرت يوم الجمعة عن أول محادثات سلام مباشرة منذ ثلاث سنوات، والتي كانت موجزة ولم تُسفر إلا عن نتائج ضئيلة.
وفي حديثهم عبر الهاتف، قال الجنود إنهم رفضوا وقف إطلاق النار غير المشروط الذي اقترحته أوكرانيا.
وأضافوا أن على القوات الروسية مواصلة القتال على الأقل حتى تسيطر على جميع المناطق الأربع في جنوب وشرق أوكرانيا التي يطالب بها الكرملين، والتي لا يسيطر عليها إلا جزئيًا.
وقال سيرغي، وهو جندي روسي مُجند يقاتل في منطقة دونيتسك الشرقية، في إشارة إلى المنطقة التي تم ضمها: "جميعنا مُرهَقون، نريد العودة إلى ديارنا؛ لكننا نريد السيطرة على جميع المناطق، حتى لا نضطر إلى النضال من أجلها مستقبلًا. وإلا، فهل ضاعت أرواح جميع الرجال هباءً؟".
وأضافت الصحيفة أن هذه المقابلات تُمثل نافذة نادرة على معنويات الجيش الروسي، ومُسلِّطةً الضوء على التحديات الداخلية التي سيواجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إنهاء الحرب بشروطٍ لا تُحقق أهدافه القصوى.
وتابعت بأن مطالب الجنود تُشير إلى أن ضمّ بوتين المُتسرّع لأربع مناطق أوكرانية في بداية الحرب ربما حدّ من خياراته الحالية في المفاوضات؛ لأن شريحةً كبيرةً من السكان ستعتبر أي شيءٍ أقل من ذلك هزيمةً.
وفي حين تحدث الجنود، الذين قاتلوا في وحدات ومناطق مختلفة، بمرارة عميقة عن مسؤولي بلادهم ومدنييها، الذين يتهمونهم بالاستفادة من الحرب متجاهلين مصاعب جبهات القتال، تُشير تعليقاتهم إلى الصعوبات التي ستواجهها روسيا بعد أي اتفاق سلام في إعادة دمج العسكريين في الحياة المدنية، وفي إعادة اقتصاد الحرب إلى مساره المدني.
وأردفت الصحيفة أن الجنود، في المقابلات، اشتكوا من قلة الإجازات، والفساد بين رؤسائهم، ولامبالاة مواطنيهم.
وبينما اتهم بعض الجنود القيادة العسكرية ورجال الأعمال في بلادهم بمعارضة اتفاق السلام لأنهم يستفيدون من طفرة الإنفاق العام في زمن الحرب، جعل هذا الاستياء السيطرة على الأراضي المتنازع عليها، التي لطالما اعتبرها المحللون ورقة مساومة في ظل الخلافات العميقة بين روسيا وأوكرانيا، هدفًا حربيًا غير قابل للتفاوض بالنسبة للعديد من الجنود الروس وأنصارهم.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد ثلاث سنوات من القتال، تسيطر القوات الروسية بشكل شبه كامل على مقاطعة أوكرانية واحدة فقط من أصل أربعة ضمتها رسميًا، وهي لوغانسك؛ أما في المناطق الثلاث الأخرى، دونيتسك وخيرسون وزابوريزهيا، فتسيطر روسيا على ما بين 65 و75% من الأراضي.
وفي حين رفضت الحكومة الأوكرانية، طوال فترة الحرب، رفضًا قاطعًا التنازل عن أراضٍ لروسيا، مطالبةً بالعودة إلى حدود البلاد المعترف بها دوليًا.
وأصرت على ضمانات أمنية قبل الموافقة على الهدنة، خفف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في الأشهر الأخيرة، من موقفه، مُوافقًا على وقف إطلاق نار مُقترح دون ضمانات أمنية.
وأشار زيلينسكي إلى أنه سيقبل، ولو مؤقتًا، بخسارة الأراضي الخاضعة بالفعل للاحتلال الروسي.
وبينما يرى الكثيرون في أوكرانيا والغرب أن هذا الاقتراح لتجميد الصراع على طول خط المواجهة الحالي تنازلٌ كبيرٌ للكرملين، إذ يُخلي ملايين المواطنين الأوكرانيين من الحياة تحت الاحتلال.
ويخشى هؤلاء أن يُشرعن العدوان الروسي ويكافئه، تُظهر المقابلات مع الجنود واستطلاعات الرأي الروسية أن مثل هذه الهدنة لن تُرضي شريحةً كبيرةً من المجتمع الروسي.
وقالت الصحيفة: "إذ أقنعت سنواتٌ من الدعاية الحربية والمكاسب الميدانية الثابتة، وإن كانت بطيئة، العديد من الروس بأن بلادهم تخوض صراعًا وجوديًا ضد الغرب، لن ينتهي إلا باستسلام أوكرانيا".
واختتمت الصحيفة مُشيرة إلى أنها تحققت من هويات الجنود عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووثائقهم الشخصية، لكنها حجبت أسماء عائلاتهم لحمايتهم من الانتقام.