رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
منذ أكثر من عقد من الزمان، استعدّت بولندا لأسوأ السيناريوهات المحتملة، وهو أن تصبح خط المواجهة في حرب بين روسيا والغرب، لتضاعف منذ 2014 حجم جيشها، وتزيد الإنفاق العسكري، وتصبح في 2024 ثالث أكبر قوة في حلف شمال الأطلسي.
ومع تزايد الهجمات الروسية في أوروبا، كانت بولندا، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، تخصص مليارات الدولارات في سباق التسلّح، لتتصدّر الشهر الماضي قائمة أكثر الدول شراء للأسلحة الأمريكية.
وبلغ نمو الجيش البولندي ذروته مع اقتراب "الخطر" الروسي، خصوصاً في ظل ما تصفه "وول ستريت جورنال" خشية وارسو من "التاريخ المظلم"، حيث وقعت لقرون تحت السيطرة الروسية، إلى حدّ محوها مؤقتاً من الخريطة
وفي الحرب العالمية الثانية، فشلت المملكة المتحدة وفرنسا في منع غزو النازيين لبولندا، رغم معاهدات الدفاع المشترك، وعندما تبعهم السوفييت بغزوهم الخاص، أدى ذلك إلى نصف قرن من الحكم الذاتي لموسكو.
وبعد التحركات الروسية ضد أوكرانيا، والآن أوروبا، بات صُنّاع القرار البولنديين يشعرون بالتوتر لأنهم أصبحوا مرة أخرى في خط النار، وهذه المرة تريد وارسو أن تكون مستعدة.
عزّز الإنفاق العسكري لبولندا مكانتها لدى جيرانها على الجناح الشرقي لحلف الناتو، ولدى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يرغب في أن تُولي أوروبا مزيداً من الاهتمام لاحتياجاتها الأمنية.
وقررت بولندا مبكراً الاستعداد لاحتمال اندلاع صراع جديد بعد أن ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014 وأطلقت حرباً بالوكالة للسيطرة على منطقة دونباس.
وفي حين ظل الكثير من أوروبا يأمل في أن يكون هذا هو نهاية "الطموح" الروسي في القارة، أمضى مخططو الحرب البولنديون عاماً في تحليل "أسوأ السيناريوهات"، قبل أن يضعوا سلسلة من الإصلاحات لتوسيع الجيش، وزيادة عدد القوات بسرعة وتعزيز مجموعة أدواتهم.
ووفق توماس سزاتكوفسكي، وكيل وزارة الدفاع البولندية السابق، الذي أشرف على مراجعة الدفاع الاستراتيجي التي أطلقت إصلاحاتها العسكرية، فإن دولاً أوروبية أخرى كانت "تنتظر من يبادر". وأضاف "في النهاية، كنا متقدمين أكثر، ليس فقط على بقية دول الجناح الشرقي، بل على معظم دول حلف الناتو الأوروبية".
واليوم، يبلغ تعداد بولندا العسكري أكثر من 210 آلاف جندي، لتحتل المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة وتركيا في حلف الناتو. وكانت أول وحدة أُنشئت بعد الإصلاحات في 2018 هي الفرقة الميكانيكية الثامنة عشرة، وهي في حالة تأهب قصوى، كما يجري حالياً تشكيل وحدتين مماثلتين، إضافة لقوات دفاع إقليمية تضم عشرات الآلاف من الجنود.
في الشهر الماضي، شارك 30 ألف جندي، من بينهم جنود من الفرقة 18 وقوات أمريكية وهولندية، في سلسلة مناورات حربية استمرّت شهراً كاملاً، سُميت "المدافع الحديدي"، والتي أتاحت للقوات البولندية فرصة التدرب على ترسانتها من الأسلحة القديمة والجديدة.
وشملت تلك الأسلحة دبابات أبرامز الأمريكية، وقاذفات صواريخ متعددة كورية جنوبية، ونسخة بولندية من نظام المدفعية الصاروخية الأمريكي عالي الحركة، أو هيمارز، الذي استخدمته أوكرانيا ضد روسيا.
وتزداد القوات البولندية تسليحاً، إذ بدأ تدفق الكثير من المعدّات التي اشترتها وارسو في السنوات القليلة الماضية، وهناك المزيد في الطريق. كما اشترت أسلحة أمريكية بقيمة تقارب 50 مليار دولار، وهو ما جعلها في الصدارة.
وتجد بولندا نفسها حجر الزاوية في تخطيط حلف شمال الأطلسي للصراع مع روسيا، وشريكاً حاسماً لدول البلطيق الأصغر في الجناح الشرقي للحلف، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا.
كما تلعب الجغرافيا دوراً هاماً، فبولندا لا تشترك في حدود مع جيب كالينينغراد الروسي فحسب، بل تشترك أيضاً مع بيلاروسيا، الحليف الوثيق لموسكو، والمرتبطة الآن بالبنية التحتية الدفاعية الروسية.
وتعتبر روسيا بيلاروسيا مجالها الجوي ملكًا لها، ويمكن لسكك حديدها نقل القوات الروسية بسرعة إلى الحدود البولندية. وقد نشرت موسكو صواريخ تكتيكية قادرة على حمل رؤوس نووية في مينسك.
والأهم من ذلك، أن بولندا اضطرت إلى تعزيز قدراتها اللوجستية على أراضيها الشاسعة لاستيعاب التدفق الهائل لقوات الناتو التي يُحتمل نشرها هناك في حال نشوب صراع. ومن المقرر تطوير بعض مطاراتها المدنية لتمكينها من نقل الجنود.
