يُوصف رئيس بنين باتريس تالون بأنه حجرٌ رئيس في تنفيذ الاستراتيجية الفرنسية في غرب أفريقيا، باعتباره "حليفا موثوقا" يصعب على باريس تركه يواجه مصيره وحده في محاولة الإطاحة بحكمه الذي ينتهي في أبريل المقبل.
وطيلة يومٍ كامل منذ فجر الأحد، سيطر الغموض على الوضع السياسي والأمني في بنين عقب خروج مجموعة من الانقلابيين تدّعي الإطاحة بتالون، قبل أن تطمئن الحكومة إلى فشل العسكريين الذين حاولوا إنهاء حكم الرئيس. ومع ذلك، لا تزال فرنسا تراقب عن كثب ما يحدث في غرب أفريقيا.
وأثار هذا الوضع تساؤلات حول احتمالات إشعال الانقلاب شرارةَ انتفاضةٍ شعبية ضد الحكومة الموالية لفرنسا، بينما يعني بالنسبة لكثير من المراقبين أن حلفاء تالون في السلطة الآن قد ضمنوا انتقالًا للسلطة لصالحهم في انتخابات عام 2026، باعتبار أن هذا الرئيس اكتفى بعهدتين فقط.
وفي أعقاب الإعلان عن الانقلاب، أعرب جزء كبير من السكان عن دعمهم له، كما أظهرت ذلك تجمعات شعبية سلمية في شوارع العاصمة خلال الساعات الأولى، وهي إشارة إلى أن الكثيرين سئموا من معاملتهم كبابٍ خلفي من قبل الفرنسيين.
وخلال السنوات الأخيرة، انتشرت مشاعر العداء لباريس في جميع أنحاء أفريقيا، وخاصةً في غرب القارة وفي منطقة الساحل، حيث تصاعدت هذه المشاعر بشكل ملحوظ بعد استيلاء الجيش على السلطة واستغلاله الفرصة لطرد القوات الفرنسية من أراضيه. لكن بالنسبة لبنين، فالأمر مختلف تماما على المستوى الرسمي.
بل إن كوتونو تدعو إلى شراكة منفتحة وغير مقيّدة مع شركائها، وهو ما صرّح به وزير الخارجية أولوشيغون أدجادي بكاري لوسائل إعلام محلية مؤخرا، قائلًا: "لا توجد لدينا أي مشاعر معادية لفرنسا، بل إن علاقاتنا مع شركائنا تتسم بالانضباط التام". وأوضح أن بنين ليست في "موقف ولاء أو خضوع لأحد".
وبحسب قوله، فإن أهم ما يميز بنين هو "المرونة والصمود" في علاقاتها.
هذا الموقف جلب لها مشاعر العداء من طرف جيرانها، ودفعته ثمنا إلى حدّ اليوم، حيث تبقى الحدود بين النيجر وبنين مغلقة بقرار من المجلس العسكري في نيامي، على خلفية اتهام بنين بالتواطؤ مع فرنسا لزعزعة استقرار البلاد داخليا.
ونتيجة لذلك، أوقفت النيجر استخدام ميناء كوتونو، وحوّلت نشاطها التجاري إلى ميناء لومي في توغو؛ ما انعكس بانخفاض عائدات ميناء كوتونو إلى أقل من 70 بالمائة، فالنيجر هي أكبر زبونٍ له، باعتبارها دولة لا تملك منفذا بحريا.
وحسب دول الساحل الثلاث، تُشكّل بنين قاعدةً خلفيةً للقوات الفرنسية التي لا تهدف إلا إلى زعزعة استقرارها، مثلما ردّد رئيس بوركينا فاسو إبراهيم تراوري.
وقد نفت الحكومة البنينية هذه المعلومات باستمرار، ولا سيما بعد تنديدات من النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين.
ومن المعروف عن تالون أنه من أبرز الأصوات المتشددة التي لوّحت بالتدخل العسكري ضد النيجر، إلى جانب فرنسا وجماعة "إيكواس"، عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع الموالي لباريس محمد بازوم.