مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
أصبحت حوادث اختراق الطائرات الروسية دون طيار للمجال الجوي البولندي اختباراً حقيقياً لجدية حلف شمال الأطلسي في الدفاع عن جناحه الشرقي، خصوصاً مع "غموض" نوايا موسكو، بين اختبار حدود الردع أو استكمال التمدد في أوروبا.
يأتي ذلك في أعقاب سلسلة من الحوادث، أبرزها الذي وقع قبل ثلاثة أسابيع، فقد اخترقت طائرة روسية دون طيار انتحارية من طراز "شاهد"، تُلقب بـ"الدراجة الطائرة" بسبب صوت محركها القوي، المجال الجوي البولندي، محلقة مسافة 60 ميلاً داخل الأراضي البولندية.
وانفجرت الطائرة في قرية أوسيني، على بعد حوالي 80 كيلومتراً من العاصمة وارسو، و40 كيلومتراً من أكاديمية ضباط القوات الجوية البولندية، وسط فشل الرادار العسكري في رصد الطائرة التي كانت تحلق على ارتفاع منخفض.
ووفق تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية، لم تعد هذه الحوادث أمراً نادراً في منطقة شرق أوروبا، فقد شهدت دول مثل لاتفيا وليتوانيا ورومانيا وبولندا، وحتى كرواتيا التي تبعد أكثر من 400 ميل عن أوكرانيا، أخرى مشابهة.
وغالباً ما تتسلل الطائرات دون اكتشاف حتى تصطدم بالأرض، مما يثير تساؤلات حول فاعلية أنظمة الرصد في الحلف.
ويوم الاثنين الماضي، بلغت الانتهاكات ذروتها مع دخول أربع طائرات روسية مسيّرة المجال الجوي البولندي خلال خمسة أيام فقط، بالإضافة إلى تحطم طائرة أخرى تحمل "علامات سيريلية" قرب الحدود مع بيلاروسيا.
رداً على ذلك، أعلن رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، أن بولندا لن تتسامح مع مزيد من الاستفزازات، محذراً من "عواقب وخيمة للغاية" تشمل "العمل الحركي"، أي إسقاط الطائرات المعادية.
ويُنظر إلى موجة الطائرات الروسية، التي اجتاحت شرق بولندا في الساعات الأولى من صباح الأربعاء كاختبار مباشر لهذا التهديد، ليس هجوماً استراتيجياً مدروساً بقدر ما هو محاولة لقياس جدية بولندا والناتو.
ووفقاً للتقارير، شملت العملية حوالي عشر طائرات دون طيار، حسب الجيش الأوكراني، بينما أشارت القوات البولندية إلى مراقبة "عدة عشرات" في منطقة الحدود. لا يزال النطاق الدقيق غير واضح، لكنه يُعد الأكبر من نوعه ضد حليف في الناتو منذ عام 2022.
على المستوى التقني، من السابق لأوانه تقييم نجاح الناتو في مواجهة هذا التحدي، إذ لا يُعرف بعد عدد الطائرات التي تم اكتشافها أو تدميرها. ومع ذلك، كان الرد السياسي سريعاً وحاسماً، إذ نشرت بولندا طائرات مقاتلة وصواريخ وأنظمة حرب إلكترونية في عرض قوي للقوة، بينما قام الناتو بتعبئة طائرات دعم من الولايات المتحدة وإيطاليا وهولندا.
كما تذهب صحيفة "التايمز" إلى أن روسيا التي لطالما أعطت إشارات عسكرية على نيّتها "التمدد" داخل حدود الناتو، بعد الانتهاء من حرب أوكرانيا، ربّما أرادت افتعال اختراق "محسوب"، تستطلع من خلاله ردود الفعل، خصوصاً في ظل ما تشهده من "انكفاء" من قبل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
يُتوقع أن تفعّل بولندا المادة الرابعة من معاهدة الناتو، مما يؤدي إلى مشاورات حلفاء حول تعزيز الدفاعات الجوية على الجناح الشرقي، دون اللجوء إلى المادة الخامسة التي تفعّل الدفاع المشترك.
وفي الأمد المتوسط، ستعزز هذه الحادثة الحاجة إلى استثمارات أكبر في أنظمة الدفاع الجوي والرادار، كما ستدفع البنتاغون إلى إعادة تقييم نشر القوات الأمريكية في المنطقة، وفق "التايمز".
وبولندا، كحليف نموذجي للولايات المتحدة، تتمتع بعلاقات قوية مع البيت الأبيض، ومشهد دفاعها عن مجالها الجوي ضد الطائرات الروسية لن يساعد الذين يسعون في واشنطن إلى إضعاف الضمانات الأمنية الأمريكية لأوروبا.