استقبل الملك تشارلز الثالث الرئيس دونالد ترامب في زيارة ملكية بديعة، مليئة بالاحتفالات والطقوس التي يبدو أنها صُممت لإرضاء الرئيس الأمريكي أكثر من أي هدف دبلوماسي ملموس.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فإن الاستقبال الحافل بدءًا من عربات الخيول المزخرفة ومراسم المشاة، إلى الطائرات الاستعراضية والمظليين المغطين بالأعلام، بدا وكأنه عرض من أجل ترامب، الذي غادر لندن بابتسامة واعتزاز، بينما لم يقدّم في المقابل أي خطوة كبيرة تصب في مصالح بريطانيا.
خلال الزيارة، ركّزت الفعاليات على الإطراء والود تجاه ترامب، مع تجنّب أي مواجهات أو نقاشات حادة مع رئيس الوزراء كير ستارمر، كما أن الملك تشارلز، مستحضرًا مثالًا عن سلفه جورج الثالث، بدا وكأنه حريص على عدم إحراج ترامب، فيما اكتفى ستارمر بتقديم نفسه كضيف لبق، محافظًا على علاقة ودية رغم الاختلافات السياسية.
أمّا على صعيد الأعمال، برزت الشراكة التقنية مع الولايات المتحدة كعنوان رئيس للزيارة، مع وعد ستارمر بـ«استثمارات تغيّر حياة البريطانيين»، لكن ترامب بدا غير ملتفت للأبعاد الاستراتيجية للصفقة، بل مزح بإلقاء المسؤولية على وزير الخزانة الأمريكي إذا لم تكن ناجحة، وتجاهل دور السفير البريطاني السابق لدى واشنطن بيتر ماندلسون في التفاوض على الصفقة، رغم اجتماعهما الأخير.
وبحسب مراقبين فإن ترامب حتى في اللقاءات الصحفية، بدأ بفرض إيقاعه، مع إجابات مقتضبة وتحويل أي سؤال محرج نحو المضيفين، من دون تقديم التزامات جديدة حول ملفات الأمن الأوروبي أو أوكرانيا، ليستحوذ ترامب على الاهتمام الإعلامي بالكامل، بينما اكتفى ستارمر والملك بمراقبة المشهد بعناية، محافظين على التوازن بين الدبلوماسية والاحترام.
غير أن الزيارة كشفت حقيقة مقلقة: القصر الملكي ومنصاته الرسمية يمكن أن تتحوّل إلى أداة لإبراز رئيس أمريكي على حساب المصالح البريطانية الحقيقية، وفي النهاية، يبدو أن لندن قدّمت الاستعراض والولاء، بينما خرج ترامب بهيبته ونفوذه وابتسامته، دون أن يقدّم أي مكاسب عملية ملموسة للمملكة المتحدة.