أثار توجّه نيجيريا لتعزيز علاقاتها مع الصين وروسيا تساؤلات حول ما إذا كان ذلك كافياً لالتفاف أبوجا على تهديدات الولايات المتحدة.
يأتي ذلك بعد أن أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديدات لنيجيريا بشنّ عمل عسكري ضدها؛ بسبب ما يصفه بـ"اضطهاد المسيحيين".
وسارعت الصين إلى الإعراب عن معارضتها للتهديدات التي أطلقها ترامب، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ: "باعتبارها شريكًا استراتيجيًا شاملًا لنيجيريا، تعارض الصين بشدّة أي دولة تستخدم الدين وحقوق الإنسان كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتهديد الدول الأخرى بالعقوبات والقوة".
وعلّق المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الدولية، نزار مقني، على الأمر بالقول إنّ "نيجيريا تُدرك أنها ليست في وضع يسمح لها بالصدام مع واشنطن، لكنها أيضًا سئمت من تلويح ترامب بالعقوبات في كل ملف، من الأمن إلى النفط، وكأن البلاد مجرد ورشة تابعة للشركات الأمريكية".
وأضاف مقني لـ "إرم نيوز" أنّ "نيجيريا تستطيع كسب الوقت وتخفيف الخسائر، لكنها لن تفلت تمامًا من قبضة واشنطن، فالاقتصاد النيجيري مرتبط بالدولار والأسواق الغربية، والبنية الاستثمارية لا تزال في يد شركات أمريكية وأوروبية، وبكلمات مباشرة: تستطيع نيجيريا أن تناور، لكن من الصعب أن تتحرر بالكامل".
وشدّد على أنّ "دلالة التحول نحو بكين وموسكو أعمق من مجرد ردّ فعل. هذا التحول يلفت النظر إلى 3 إشارات مهمة في المزاج الأفريقي: أولاً، القارة تبحث عن مظلة أمنية بديلة. روسيا تقدّم نفسها كحامي أنظمة وبشروط سياسية أقل إزعاجًا من واشنطن، فنيجيريا تواجه الجماعات المتشددة في الشمال الشرقي وتحتاج سلاحًا لا يرافقه درس أخلاقي كل صباح".
وتابع مقني: "ثانيًا، الصين تعرض تمويلًا ومشاريع بنى تحتية دون أن تسأل كثيرًا عمّن يربح ومن ينهب، وهذا يناسب الطبقة السياسية النيجيرية التي تحتاج إلى إنجازات ملموسة أمام الشارع قبل انتخابات تلوح دائمًا في الأفق. وثالثًا، صعود خطاب العالم متعدد الأقطاب جعل دولًا مثل نيجيريا تفكر: لماذا نضع كل بيضنا في السلة الأمريكية بينما يمكن اللعب على التوازنات الدولية للحصول على أفضل الصفقات؟".
وأكد أنّه "مع ذلك يبقى التحول محسوبًا بدقة، فنيجيريا لا تريد قطع الجسر مع واشنطن، بل تريد فقط أن تلوّح بخيارات بديلة لتقول لترامب بلهجة لطيفة: الضغط المبالغ فيه قد يدفع الحلفاء إلى البحث عن أصدقاء جدد".
أما المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، قاسم كايتا، فاعتبر أنّ "محاولة الدخول في معركة ليّ أذرع مع الولايات المتحدة لن تكون حلًا بالنسبة لنيجيريا، التي ستعاني خاصة في ظل غياب خيارات واضحة دبلوماسيًا للتعامل مع تهديدات ترامب".
وبيّن كايتا، في تصريح خاص لـ "إرم نيوز"، أنّ "المعضلة تكمن في أن هذا الاصطفاف لن يقود إلا إلى مزيد من التصعيد بين الطرفين".
واعتبر أن "على نيجيريا إيجاد نافذة لفتح قنوات تواصل مع إدارة ترامب بعيدًا عن أي تلويح بالتحالف مع جهات مثل بكين أو موسكو".