مقتل 5 جنود بتفجير انتحاري في شمال شرق نيجيريا
تتصاعد الضغوط الدبلوماسية على الغرب في ملف أوكرانيا، مع إصرار موسكو على التمسك بالنسخة الأولى من خطة السلام الأمريكية المقترحة من الرئيس دونالد ترامب، قبل أي مفاوضات رسمية أو تعديلات جوهرية.
النسخة الأولى من خطة ترامب، التي صيغت خلال قمة ألاسكا في أغسطس/ آب الماضي، تضم 28 نقطة رئيسة تصب جميعها في صالح موسكو، وتتضمن الاعتراف الدولي بالقرم ومناطق دونباس كأراضٍ روسية، والتنازل عن أراضٍ إضافية، وتقليص الجيش الأوكراني، وحظر انضمام أوكرانيا إلى الناتو.
ومع انعقاد محادثات جنيف في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ظهرت تعديلات كبيرة على الخطة؛ استجابة لمخاوف كييف، حيث تقلصت الخطة إلى 19 نقطة، وتم تخفيف بنود حساسة مثل الاعتراف الدولي بالأراضي الروسية وتقليص الجيش ورفض الناتو.
إلا أن موسكو رفضت هذه التحولات، معتبرة أنها تشوه جوهر الخطة الأصلية، ما دفعها إلى الضغط على الغرب للعودة إلى النسخة الأولى كأساس للمفاوضات.
وخلال الشهر نفسه، عززت موسكو موقفها الدبلوماسي علنًا، حيث وصف الكرملين الخطة بأنها النسخة الأساسية الوحيدة، مع التأكيد على أن أي تعديلات يجب أن تحافظ على "روح النص" الأصلي.
وشدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الوضع الحالي يلائم موسكو، ويجب على كييف وحلفائها مراجعة توقعاتهم تجاه ما يُسمى بـ"الحل النهائي".
وفي ذات الوقت، تظهر الولايات المتحدة تفاؤلًا حذرًا بإمكانية تحقيق "محادثات مثمرة"، في حين يواجه الاتحاد الأوروبي وألمانيا ضغوطًا للحفاظ على وحدة الأراضي الأوكرانية، مع قلق من أي تصعيد روسي قد ينجم عن رفض التعديلات.
ووفقًا للمراقبين، يشير المشهد إلى أن الضغط الروسي على النسخة الأولى من خطة ترامب، قد يدفع الغرب إلى تقديم تنازلات، أو إعادة النظر في مسار المفاوضات، مع بقاء جميع الاحتمالات مفتوحة على الساحة الدولية.
ويرى المراقبون أن النسخة الأولى من الخطة لم تُفرض على أي طرف بعد، وأن أوكرانيا ناقشتها مع واشنطن دون فرض مبكر، خاصة أن موسكو تسعى لإبراز قوتها ميدانيًا واستثمار مكاسبها في زباروجيا وخاركيف.
وشددوا على أن أي تعديلات جوهرية في الخطة سواء من الجانب الأوروبي أم غيره، لن تكون مقبولة إلا بعد التشاور المشترك، في حين تركز واشنطن على دفع أوكرانيا لقبول أي صيغة أولية لوقف إطلاق النار قبل الدخول في مفاوضات التفاصيل النهائية.
وبهذا السياق، أكد الدبلوماسي الروسي السابق، ألكسندر زاسبكين، أن روسيا حين توافق على التفاوض على أساس خطة ترامب، فإنها تقصد وضع إطار عام للاتفاق المقبل، وليس تحديد مضمونه الكامل بكل تفاصيله.
وأكد زاسبكين، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن التفاصيل الدقيقة ستكون ثمرة للعمل الدبلوماسي المستمر، الذي يحدد خريطة الطريق وآليات التنفيذ والإجراءات اللوجستية وغيرها، مشيرًا إلى أن الحديث عن صيغة نهائية لنتيجة المفاوضات اليوم ما زال سابقًا لأوانه.
وأشار زاسبكين إلى أن التغييرات التي يطرحها الجانب الأوروبي، بحسب المعلومات المتوافرة، تبدو كأنها تغير جوهر خطة ترامب، ما يجعلها غير مقبولة بالنسبة لروسيا.
وشدد على أن موسكو تركز على المفاوضات البناءة التي تضمن الوصول إلى اتفاق متوازن يحقق مصالح جميع الأطراف، لافتًا إلى أن أي تعديل جوهري في الخطة لن يكون مقبولًا إلا بعد التشاور والاتفاق المشترك بين الأطراف المعنية.
من جانبه، قال الخبير في الشؤون الروسية، د. نبيل رشوان، إن "النسخة الأولى" من خطة السلام الأمريكية لم تُفرض على أي طرف بعد، موضحًا أن أوكرانيا ناقشت هذه النسخة في جنيف عبر مشاركة مدير الديوان الرئاسي أندريه إيرماك، ما يعني أن الحديث عن فرضٍ مبكر لا يستند إلى وقائع.
وأضاف رشوان، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الجانب الأوكراني شوه تقريبًا مضمون الخطة الأمريكية، ورغم ذلك أكد المسؤولون الأمريكيون أن المباحثات كانت إيجابية.
وأوضح أن الهدف الأساسي يتمثل في الوصول إلى وقف لإطلاق النار، حتى لو كان تجميدًا مؤقتًا للصراع.
وأشار رشوان إلى الجدل الدائر حول عدد نقاط الخطة، إذ يرى البعض أنها تراجعت من 28 إلى 26 نقطة، بينما يقول آخرون إنها أقرب إلى 19 نقطة، مؤكدًا أن النسخة الأصلية تبدلت مع الوقت.
ولفت إلى أن الأوروبيين قدموا خطة موازية من 24 نقطة، وحضروا المفاوضات بشكل وثيق عبر ممثلين من المفوضية الأوروبية ومجالس الأمن القومي في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، ما يعكس ترقبًا شديدًا لما يجري بين واشنطن وكييف.
وبحسب رشوان، فإن روسيا، رغم الضغوط الاقتصادية، تحاول الظهور بموقع القوة مستفيدة من توسعها الميداني الأخير في زباروجيا وخاركيف، وفي المقابل، تواجه أوكرانيا صعوبات كبيرة في تأمين السلاح بعدما باتت الشحنات الأمريكية تمر عبر أوروبا قبل وصولها، ما يؤخر المعدات ويزيد الضغط على كييف.
وأوضح رشوان أن واشنطن تسعى لدفع أوكرانيا إلى قبول أي صيغة أولية لوقف إطلاق النار قبل الانتقال إلى مفاوضات التفاصيل، ورفضت موسكو الخطة الأوروبية بدايةً، لكنها اعتبرت أن أي خطة أمريكية يمكن أن تكون أساسًا للتفاوض، دون أن تمثل الحل النهائي، خاصة مع اتساع طموحاتها القائمة على ما حققته من تقدم ميداني وقوة عسكرية لم تُستخدم بالكامل بعد.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة توظف ملف أوكرانيا داخل حسابات أوسع تشمل فنزويلا والصين وغزة، في وقت امتنعت فيه روسيا عن استخدام الفيتو في مجلس الأمن بشأن مشروع أمريكي متعلق بغزة، في خطوة تعكس حسابات دبلوماسية معقدة لدى الطرفين.
وقال رشوان، إن كل هذه التحركات تشير إلى أن موسكو تسعى لانتزاع مكاسب واضحة قبل أي اتفاق أمريكي محتمل حول أوكرانيا، مؤكدًا أن المشهد لا يزال مفتوحًا ومتغيرًا، وأن الجهود الدبلوماسية مستمرة لرسم ملامح المرحلة المقبلة.