كشفت مصادر عن وجود خلافات وتباينات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بشأن مستقبل الحرب في أوكرانيا، والخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام؛ ما يضع كييف في قلب نزاع إستراتيجي على رسم مسارات الحل وموازين النفوذ.
ويظهر هذا التباين، وفق ما كشفته مصادر دبلوماسية أمريكية وأوروبية لـ"إرم نيوز"، بما يعكس حالة انفصال واضحة بين القوتين الأساسيتين داخل "الناتو"، وسط مناخ يضعف مؤشرات إمكانية مضيّ الخطة الأمريكية الخاصة بأوكرانيا نحو عملية سلام جدية.
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أخيرًا، أن واشنطن وكييف عقدتا محادثات "مثمرة" بشأن اتفاق محتمل لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، مشيرة إلى أن "نقطتي خلاف فقط" لا تزالان عالقتين.
وقالت ليفيت في برنامج "ذا ستوري" الذي تبثه قناة فوكس نيوز، إن الرئيس ترامب يبدي تفاؤلًا بإمكان التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب.
وقال مصدر دبلوماسي أمريكي: إن نقاط الخلاف بين واشنطن وكييف حول خطة الرئيس الأمريكي ترامب شهدت تحولًا سلبيًّا من الجانب الأوكراني، وذلك خلال الاتصالات التي تلت طرح مسودة الخطة، حيث بدا أن كييف تتراجع عن عدد من البنود التي جرى التوافق عليها خلال اجتماعات جنيف بين الوفدين الأمريكي والأوكراني.
وأوضح المصدر، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الخلافات متعددة، إلا أن أبرزها يتمثل في رفض كييف بعض التفاصيل الجوهرية المتعلقة بالاعتراف بالأراضي التي تسيطر عليها روسيا في منطقتي لوغانسك ودونيتسك، إضافة إلى رفضها الالتزام بعدم الانضمام إلى أي كيان عسكري، سواء كان حلف الناتو أو غيره.
وبيّن المصدر أن كييف تطالب بأن تكون الولايات المتحدة ضامنًا عسكريًّا يتدخل مباشرة في حال خرق روسيا لأي تفاهمات تتعلق بخطوط التماس، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الطروحات يكشف غياب نية أوكرانية حقيقية للتوافق حول الخطة، بدفعٍ أوروبي يسهم في عرقلة مسار السلام.
وأفاد المصدر بأن الجانب الأوكراني يطلب مهلة أطول للرد على الخطة وتنفيذها، مع تقديم وعود بالتعامل معها بشكل إيجابي.
غير أنّ هذا السلوك، وفق المصدر، يعكس حجم التأثير الأوروبي على كييف، بما يستهدف إطالة الوقت وتعطيل المسار من خلال دفعها إلى طرح اعتراضات معقدة على المسودة الأمريكية، في وقت تواصل فيه دول أوروبية فتح سقف التسليح، وتسعى في المقابل إلى فرض مقاربة خاصة بها تجبر الولايات المتحدة على التعامل وفق شروط تحمل تحديات لن تقبل بها موسكو.
وأكد المصدر أن واشنطن عرضت المسودة، أثناء إعدادها، على برلين وباريس ولندن، وحصلت على شكل من الموافقة المبدئية لطرحها والذهاب إلى أقصى مدى تفاوضي ممكن مع روسيا لوقف الحرب.
بدوره، وصف مصدر دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى خطة الرئيس ترامب بأنها "أمر واقع" فرِض على أوروبا قبل أن يُفرَض على كييف، إذ جرى إعدادها بمعزل كامل عن العواصم الأوروبية، بحيث لا تكون الدول الأوروبية طرفًا مباشرًا في خطة السلام، ولا يمتلك الأوروبيون أي دور تفاوضي أو قدرة على تعديل بنودها، بينما يُسمح لهم فقط بتقديم ملاحظات "استشارية".
وأضاف المصدر، لـ"إرم نيوز"، أن ترامب طرح خطة "غير مألوفة" تهدد منظومة الناتو، ويتعامل مع الملف وكأن الولايات المتحدة ليست جزءًا أساسيًّا من الحلف، محذرًا من أن أي تهديد روسي لأوروبا سيجعل واشنطن في نهاية المطاف الطرف الأكثر خسارة.
وبحسب المصدر، فإن واشنطن سواء عبر اتصالات أو جلسات مع الأوكرانيين، تقدم نوعًا من التهديد إلى كييف يصل إلى أن عدم التجاوب مع الخطة سيجعل الولايات المتحدة تخرج عن أي تسوية؛ ما يجعل الطرف الروسي يغير إستراتيجيته الحالية بابتلاع أوكرانيا كاملة.
وأردف المصدر أن ترامب يرى أن يكون هو فقط المفاوض لينجز صفقات مع بوتين الذي عرض عليه المسودة على الرغم من عدم وجود أي تنسيق حول نقاط أو روئ للخطة مع أي دولة أوروبية.