المفوضية الأوروبية: نشهد تقدما حقيقيا بفضل التنسيق بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة
أفلت عبد القادر مؤمن، الرجل الذي يُعتقد أنه زعيم تنظيم "داعش" وصاحب اللحية البرتقالية اللون المصبوغة بالحناء، من التصفية عدة مرات بعد تعقبه من قبل أجهزة الاستخبارات الغربية، حيث يقود الآن المتشددين من كهوف شمال الصومال.
وكشف أحد مقاتلي "داعش" الأسرى لدى قوات الأمن الصومالية أثناء التحقيق عن مكان اختباء عبد القادر مؤمن في كهف مرتفع في الجبال القاحلة شمال الصومال.
وبعد ذلك بساعات، حلّقت الطائرات الأميركية في السماء وأمطرت المنطقة بالصواريخ. لكن الجنود الذين ذهبوا لتفقد الحطام عثروا على عدد من الجثث المتفحمة، لم تكن أيٌّ منها جثة مؤمن.
ومرة أخرى، أفلت من أيديهم الرجل الذي يُعتقد أنه الزعيم العالمي لتنظيم الدولة، فمن مملكته المنعزلة في جبال كال ميسكاد في بونتلاند، وهي منطقة شبه مستقلة في الصومال، سعى مؤمن إلى بناء خلافة أخرى.
وتقول تقارير أمنية غربية إن زعيم المتطرفين بدأ النشاط مع أقل من 30 من أتباعه المقربين، قبل أن يتمكن بحلول نهاية العام 2024 من جمع جيش يُقدَّر عدده بنحو 1200 مقاتل ورفع الفرع إلى التفوق العملياتي داخل شبكة داعش العالمية.
وبصفته المركز المالي للتنظيم، يُعتقد أن داعش في الصومال موّل هجمات إرهابية حول العالم، بما في ذلك تفجير مطار كابول العام 2021، الذي أودى بحياة 169 أفغانيًا و13 جنديًا أمريكيًا. وفي أبريل 2025، صرّح قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا آنذاك، الجنرال مايكل لانغلي، للكونغرس بأن "داعش يسيطر على شبكته العالمية من الصومال"، كما صرّح مسؤولون أمريكيون بأن مؤمن هو الزعيم الجديد للتنظيم.
ووردت معلومات استخباراتية تفيد بأن مؤمن — وهو صومالي الأصل عاش وعمل في بريطانيا لعقد من الزمان — يخطط لاقتحام مدينة بوساسو الساحلية، فقررت قوات بونتلاند خوض المعركة ضده. وبعد قرابة عام من القتال العنيف، الذي دعمت فيه قوات بونتلاند بغارات جوية أمريكية، ضعفت قوات المتطرف بشكل كبير.
وفي 25 نوفمبر الماضي، شنّ 200 جندي من القوات الخاصة الأمريكية غارة، حيث انقضوا على وادي بعلا بطائرات هليكوبتر وشقّوا طريقهم عبر كهوف محصّنة. وأفادت التقارير بمقتل ما بين 10 و15 مقاتلًا من سوريا وتركيا وإثيوبيا.
في حين تقدّر استخبارات بونتلاند وجود نحو 200 مقاتل من داعش متبقين في المنطقة. أما مؤمن، فيعيش حياة بدوية بعيدًا عن القوة الرئيسية، متنقلًا من كهف إلى آخر تحت جنح الظلام، وغالبًا ما يكون متخفيًا، ويتواصل مع مستشاريه فقط عبر الرسائل المكتوبة، وفق ما نقلت "التايمز" البريطانية.
ومثل أسامة بن لادن، الذي نجا من هجوم أمريكي عبر ممرات تورا بورا الجوفية العام 2001، استغل مؤمن هذه التضاريس لمصلحته.
وقبل خمسة عشر عامًا، ظنّ كثيرون في أجهزة الاستخبارات الغربية أنهم رأوه آخر مرة عندما فرّ من جهاز المخابرات البريطاني من موطنه بالمملكة المتحدة عائدًا إلى الصومال.
وولد في بونتلاند في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، وقضى معظم حياته في الصومال قبل أن يغادر البلاد في التسعينيات وسط الحرب الأهلية.
وذكرت مصادر أمنية أن مؤمن كان جزءًا من "شبكة تجنيد" قوية كانت تجند عشرات الشباب البريطانيين للسفر إلى الصومال. وأفادت التقارير أنه حاول التجنيد في "المفريشات"، وهي مقاهٍ شعبية كان الشباب يجتمعون فيها ويمضغون القات، وهو مادة مخدرة شائعة بين الصوماليين والإثيوبيين.
لم تمر أنشطته مرور الكرام. فبعد أن اشتكى من مضايقات الأجهزة الأمنية، فرّ مؤمن من المملكة المتحدة العام 2010 وعاد إلى الصومال، حيث بايع على الفور حركة الشباب، وهي حركة متشددة متحالفة مع تنظيم القاعدة.
وفي أكتوبر 2015، انضم مؤمن إلى "داعش" عبر تسجيل صوتي نُشر على الإنترنت أعلن فيه ولاءه للخلافة الناشئة.
وعلى مر السنين، أنشأ داعش مجتمعًا مؤقتًا داخل الوديان الجبلية في بونتلاند. ففي أحدها، الذي استُخدم كمستشفى، عثرت القوات الصومالية على معدات طبية، بما في ذلك أجهزة أشعة سينية وأجهزة تصوير مقطعي محوسب. وفي وادٍ آخر، عثروا على ماكينات خياطة ونعال أحذية نصف مصنّعة.
ورافق العديد من النشطاء عائلاتهم. فإلى جانب القوة القتالية الأصلية المكوّنة من 1200 رجل، كان يُعتقد أن هناك 800 امرأة وطفل برفقتهم، ويُعتقد أن 80 منهم فقط بقوا.
أما في مقر قوات الأمن الخاصة في البلاد، فتبرز وجوه القتلى والأسرى من صفحات جوازات سفرهم، من أكثر من 30 دولة سافروا للانضمام إلى مؤمن، من بينهم جوازات سفر من تنزانيا واليمن وكندا والأرجنتين وألمانيا.