تثير الهجمات التي يشنها تنظيم "داعش" ونجاحه في توسيع نفوذه في غرب أفريقيا مخاوف من أن يستغلّ النزاعات الدائرة من أجل تحقيق حلمه بإنشاء دولة في المنطقة التي تعرف اضطرابات سياسية وأمنية متصاعدة.
ويأتي تمدد التنظيم المتشدد في غرب أفريقيا في وقت تواجه فيه الكثير من الدول على غرار مالي، والنيجر وبوركينا فاسو، وضعاً أمنياً صعباً وهو ما سمح للجماعات المتشددة والمتمردة بتعزيز مواقعها في خطوة تعكس حجم الهشاشة الأمنيّة التي تعرفها المنطقة.
وتواجه على سبيل المثال عاصمة مالي، باماكو، حصاراً مستمراً منذ نحو شهرين وهو حصار تشنّه جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بقيادة إياد آغ غالي، وتسبب في حدوث أزمة وقود حادّة وسط مخاوف من سقوط باماكو بيد الجماعة.
ويعلن تنظيم داعش باستمرار عن شنّ هجمات دموية في دول مثل نيجيريا ومالي ما يثير مخاوف من انهيار الوضع الأمني خاصة بعد التحولات التي عرفتها المنطقة إثر الانقلابات العسكرية التي صعدت بحكام جدد استعانوا بروسيا كحليف أمني عوضاً عن فرنسا.
وقال الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الأفريقية، عمرو ديالو، إنّ "إقامة دولة لداعش في غرب أفريقيا أو حتى مجرد إمارة مصغرة يبقى حلما صعب المنال، فإلى جانب محدودية قدرات التنظيم العسكريّة فإنه يواجه منافسة شرسة من تنظيمات أخرى مثل تنظيم القاعدة الإرهابي".
وأضاف ديالو في تصريح لـ "إرم نيوز" أنّ "تنظيمات مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وجبهة تحرير ماسينا لن تسمح لداعش بالانفراد بمنطقة غرب أفريقيا، ولذلك فإن هناك تنافسا بين هذه الأطراف منذ سنوات، لكن الخطورة تكمن في أنّ مساحات الحكومة تتقلّص أمام زحف هذه التنظيمات".
ولفت إلى أنّ "الحكومات المحلية باتت في وضع صعب خاصة في مالي وبوركينا فاسو في ظلّ نجاح الجماعات المسلحة سواء المتشددة أو المتمردة في افتكاك أراضٍ جديدة وفرض نظام خاصّ بها أصلاً وهذه الخطوة تجعل من المشروع القول إنّ هذه الدول تواجه شبح السقوط بيد جماعات غير حكومية".
تقاسم للنفوذ
وكان حكام دول مثل مالي وبوركينا فاسو قد وعدوا باستعادة الأمن والاستقرار، لكن مساعيهم تواجه تعثرا بالفعل ما يثير علامات استفهام حول قدرتها على الصمود أمام زحف داعش والقاعدة.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إيريك إيزيبا، إنّ "هناك خلافا حقيقيا بين داعش والقاعدة لا يمكن لأحد إنكاره وبالتالي أعتقد أن التوجه الحالي بين التنظيمين يتمثل في تقاسم النفوذ بدل الدخول في متاهات صراع دموي".
وأوضح إيزيبا في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "الحكومات المحلية ستدفع ثمن هذا التنافس بين القاعدة وداعش، فشعبيتها في تراجع كبير خاصة في ظل الحصار الذي يفرض على باماكو وأيضا تصاعد الهجمات في نيجيريا وبنين، لذلك غرب أفريقيا أمام مرحلة مفصلية".