قُتل أربعة أشخاص على الأقل وأُصيب أكثر من 500 آخرين بجروح متفاوتة، إثر سلسلة من الانفجارات العنيفة التي ضربت ميناء "شهيد رجائي" في مدينة بندر عباس جنوب إيران، في حادث أثار تساؤلات واسعة وأعاد للأذهان حوادث مماثلة شهدتها إيران قبل أعوام.
وفي الوقت الذي سارعت فيه طهران إلى فتح تحقيق رسمي، لم تُعلن حتى الآن أسباب الحادث، مكتفية بتأكيد وقوع "انفجارات شديدة" أسفرت عن تصاعد كثيف لأعمدة الدخان وتسببت بتعتيم سماء المنطقة الحيوية.
الطبيعة الهائلة للانفجار، وحجم الدمار الناتج، دفعا مراقبين إلى طرح فرضيات تتجاوز الحوادث العارضة أو الانفجارات العرضية.
ورغم إعلان صحيفة "معاريف" العبرية نقلًا عن مصادر إسرائيلية أن "الجيش الإسرائيلي لا علاقة له بالحادثة"، فإن توقيت الانفجار، في ظل المفاوضات النووية الحساسة التي تجريها طهران مع القوى الدولية، يثير الشبهات حول احتمال تعرض الميناء لضربة معادية.
واتهم خبراء سياسيون الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف وراء التفجير الكبير.
وقال رفعت سيد أحمد، رئيس مركز يافا للدراسات الاستراتيجية، إن الولايات المتحدة تموّه أنشطتها الحقيقية بالمسار الدبلوماسي، ولا تمنع إسرائيل من المضي بمساراتها الأخرى.
وأضاف رفعت في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن هذا الانفجار الضخم يذكّرنا بتفجير مرفأ بيروت قبل سنوات، باستخدام مواد حارقة مشابهة تقريبًا.
وتتصدر تغطيات تفجير الميناء الإيراني مختلف وسائل الإعلام العبرية دون أي تعليق رسمي حتى الآن، ودون تحليلات، وهو الغموض الذي يعتبر أسلوبًا معتادًا إسرائيليًا في مثل هذه الأحداث.
وأشار رفعت إلى أن تطورات الوضع قد تصل إلى حد التحريض على انقلاب في إيران بتخطيط أمريكي وإسرائيلي، نظرًا لصعوبة القضاء على البرنامج النووي الإيراني بمجرد شن هجوم، مهما بلغت درجة تعقيده، بسبب تمدد المنشآت ووصولها إلى مراحل متقدمة.
من جانبه، أكد مصطفى بدوي، خبير الشؤون الإقليمية بالمركز المصري للدراسات الاستراتيجية، أن هذا التفجير سيكون له عدة أبعاد داخلية وإقليمية، خاصة أنه يتزامن مع الجولة الثالثة من المفاوضات الإيرانية الأمريكية في مسقط.
وأوضح بدوي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الولايات المتحدة قد تحاول استغلال الحادث للضغط على إيران خلال المفاوضات النووية، ومن الممكن أن يغضب الجانب الإيراني إلى درجة وقف المحادثات، وهو ما يصب في مصلحة إسرائيل، التي يدعو رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إلى تنفيذ مخطط لتدمير المنشآت النووية الإيرانية جوًا وبرًا.
وأضاف بدوي أن بيئة الشرق الأوسط الأدنى وآسيا القريبة من الوسطى وجنوب شرق آسيا أصبحت أكثر هشاشة مع التطورات الأخيرة، بدءًا من العمل الإرهابي الضخم في كشمير، وصولًا إلى تفجير ميناء الشهيد رجائي اليوم.
وأردف أن إدارة ترامب تُظهر أنها لا تفضل الحلول العسكرية، لكنها في الوقت نفسه مستمرة في خوض حروب غير تقليدية، مثل حربها ضد الحوثيين، وتترك لإسرائيل هامشًا واسعًا في توسعاتها العسكرية في غزة وسوريا ولبنان، وبالتالي قد لا تعيق كثيرًا تطورات معقدة في الساحتين الهندية الباكستانية والإيرانية، خاصة مع وصول المفاوضات إلى خطوط حمراء.
ووفق الإعلام العبري، الذي تابع تطورات التفجير الذي ألحق أضرارًا جسيمة بالميناء الأهم في إيران، وقتل وأصاب حوالي 400 شخص، فإن سبب الانفجار لم يتضح بعد.
وتقول القناة 13 العبرية إنه في الماضي نُسبت أعمال تخريب مماثلة في إيران إلى إسرائيل، لكن خلال الأشهر الأخيرة لم ترد تقارير عن أنشطة مشابهة نُسبت إليها داخل إيران.
ويُعدّ الميناء المتضرر مركزًا استراتيجيًا لاستيراد وتصدير السلع، بما في ذلك المنتجات البترولية والطاقة، كما يعمل كمحطة عبور رئيسة للتجارة البحرية الإقليمية والدولية.
ويمنح موقع الميناء، القريب من مدينة بندر عباس على ساحل مضيق هرمز، أهمية اقتصادية وأمنية كبيرة بالنسبة لإيران.