تتواصل أزمة أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة بعد الانتخابات الأخيرة التي شهدتها البلاد يوم الثلاثاء، إذ يبدو أن الطرفين الجمهوري والديمقراطي يستعدّان لمواجهة طويلة الأمد، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وعلى خلاف التوقّعات التي رجّحت أن ينشقّ عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين لتمهيد الطريق نحو إنهاء الإغلاق الحكومي، فإن الأداء القوي المفاجئ للديمقراطيين في الانتخابات زاد من تمسّكهم بموقفهم.
يوم الجمعة، قدّم زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشارلز شومر عرضًا يقضي بتمديد دعم قانون الرعاية الصحية الميسّرة لعام إضافي مقابل إنهاء الإغلاق.
زعيم الأغلبية الجمهورية في المجلس جون ثيون رفض العرض على الفور، واعتبره "مناورة سياسية" تهدف إلى منح الديمقراطيين ورقة انتخابية في الاستحقاقات النصفية المقبلة.
ورغم موقف ثيون، أفادت تقارير بأن ما لا يقل عن عشرة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مستعدون لقبول تمديد جزئي لدعم قانون الرعاية الصحية، في ظل الضغوط المتزايدة من ناخبيهم الذين يواجهون ارتفاعًا كبيرًا في تكاليف التأمين الصحي.
ومع ذلك فإن هؤلاء يطالبون بإدخال إصلاحات محدودة مقابل موافقتهم، مثل تشديد شروط الأهلية للدعم وتقليص قيمته المالية.
في الأثناء، تتصاعد حالة الغضب داخل أروقة الجمهوريين في مجلس الشيوخ تجاه الرئيس دونالد ترامب، الذي يُعتقد أن نهجه المتشدّد شجّع الديمقراطيين على التشبّث بموقفهم.
وخلال اجتماع مغلق في البيت الأبيض يوم الأربعاء، حثّ ترامب المشرّعين الجمهوريين على إلغاء آلية التعطيل البرلماني (الفيليبستر)، وهو إجراء يسمح لأي سيناتور بالتحدث دون قيود زمنية لمنع التصويت على مشاريع القوانين، وتمرير مشروع تمويل الحكومة بأغلبية حزبية بحتة، مبرّرًا ذلك بأن الجمهوريين "يدفعون الثمن سياسيًا" بسبب الإغلاق.
معظم الجمهوريين في المجلس يرفضون هذا الخيار، محذرين من أن إنهاء "الفيليبستر" سيمنح الديمقراطيين سلطة غير محدودة في الكونغرس مستقبلاً.
في هذه الأثناء، تتفاقم التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للإغلاق الحكومي. فمئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين لم يتلقّوا رواتبهم منذ أسابيع، وأعلنت عدة ولايات تأجيلها تمويل برامج المساعدة على دفع فواتير الطاقة للأسر منخفضة الدخل.
كما اضطرت شركات الطيران يوم الجمعة إلى إلغاء مئات الرحلات امتثالًا لتوجيهات حكومية بخفض عدد الرحلات؛ ما أثار مخاوف من فوضى في السفر مع اقتراب عطلة عيد الشكر.
وكان مفاوضون من الحزبين قد اقتربوا مطلع الأسبوع من التوصّل إلى تسوية تقضي بإنهاء الإغلاق الحكومي وفق مستويات الإنفاق الحالية، مع تمرير حزمة من مشاريع الاعتمادات وتحديد موعد للتصويت على تمديد دعم قانون الرعاية الصحية.
وقد فشل هذا المسعى بعد أن انسحب الديمقراطيون من المفاوضات في اللحظة الأخيرة، بعد أن رأوا في استمرار الأزمة مكسبًا سياسيًا محتملاً.
من جانبه، رفض السيناتور بيرني ساندرز، عن ولاية فيرمونت، فكرة إجراء تصويت مستقبلي على دعم قانون الرعاية الصحية، معتبرًا أنها غير كافية لأن الجمهوريين سيستخدمون "الفيليبستر" لعرقلتها، غير أن هذا الموقف يتجاهل أن أكثر من ستين عضوًا في المجلس يدعمون شكلًا من أشكال التمديد.
ومع ذلك، يبدو أن الديمقراطيين عازمون على تصوير القضية كدليل جديد على "تعنّت الجمهوريين"، في وقت يستعدّ فيه الطرفان لمعركة سياسية طويلة الأمد.