لفت التوتر المتصاعد بين إسرائيل وأوروبا الأنظار إلى نقاط التحول في العلاقات بين الجانبين، إذ يظهر أن الشراكة الاقتصادية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي باتت تشكل أداة ضغط حقيقية في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية.
وعلى المدى الطويل، قد تسهم هذه الضغوط في تشكيل ديناميكيات جديدة في السياسة الإسرائيلية تجاه غزة وفي العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والدول الأوروبية.
وتزداد التوترات بين إسرائيل وأوروبا، لا سيما في ما يتعلق بالانتهاكات الإسرائيلية في غزة، مع تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية على الحكومة الإسرائيلية من قبل قوى أوروبية وغربية رائدة، بما في ذلك فرنسا، والمملكة المتحدة، وكندا.
الخبير الاقتصادي الفرنسي المتخصص في الشؤون الدولية يرىجان بارثيلمي، قال لـ"إرم نيوز"، إن هذه التوترات تعكس تحولات في السياسة الأوروبية تجاه إسرائيل.
وأوضح أن "الشراكة الاقتصادية أداة قوية بيد الاتحاد الأوروبي، ولكن مع تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية، فإن ضغط الدول الأوروبية على إسرائيل قد يزيد بشكل ملموس".
وأضاف أن "الاتحاد الأوروبي لديه الوسائل الاقتصادية للتأثير على إسرائيل، وإذا استمرت انتهاكات حقوق الإنسان، فإننا قد نشهد تحولات كبيرة في السياسات الأوروبية".
ويرى تييري جريجوار، المحلل السياسي الفرنسي المتخصص في الشؤون الشرق أوسطية، أن هناك "فرصة حقيقية" في هذه الأزمة لمراجعة السياسة الأوروبية تجاه إسرائيل.
وقال لـ"إرم نيوز": "الضغط الذي تتعرض له إسرائيل من قبل القوى الأوروبية قد يكون حافزًا حقيقيًا لتغيير بعض السياسات العسكرية في غزة، خاصة أن الاتحاد الأوروبي ليس مجرد مراقب في هذه القضية بل لديه أدوات ضغط قوية".
وفي خطوة لافتة، رفضت فرنسا بشدة يوم الخميس الاتهامات التي وجهها وزير الخارجية الإسرائيلي بشأن "التحريض على الكراهية" من قبل بعض الدول الأوروبية بعد الحادثة التي أسفرت عن قتل موظفين في السفارة الإسرائيلية في واشنطن.
واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدوره باريس ولندن وأوتاوا بتشجيع "أعضاء حماس القتلة" على مواصلة القتال، بعدما أدانت العواصم الثلاث "الأعمال الفاضحة" للحكومة الإسرائيلية في غزة.
وكان التصريح المشترك الذي أصدره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، يوم الاثنين، قد أظهر بوضوح تأكيدهم رفض تصعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وأعرب الزعماء عن قلقهم العميق إزاء "مستوى المعاناة الإنسانية غير المقبول" في القطاع، محذرين من أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال استمر الهجوم العسكري الإسرائيلي، كما شددوا على أن "التصرفات الفاضحة" للحكومة الإسرائيلية تتطلب رداً ملموساً.
وفي ما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، تظل الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي أداة ضغط حقيقية يمكن استخدامها من قبل الدول الأوروبية.
وقد طالبت 17 من دول الاتحاد الأوروبي بإعادة النظر في اتفاقية الشراكة التي تربط إسرائيل بالاتحاد، بسبب عدم احترام إسرائيل لحقوق الإنسان.
وكانت هذه الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2000 تمنح إسرائيل وضعًا مميزًا كدولة غير عضو في الاتحاد، ما يتيح لها امتيازات اقتصادية كبيرة.
ومع تزايد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية بسبب الانتهاكات المستمرة في غزة، أصبح من الواضح أن هذه الاتفاقية قد تصبح محط مراجعة.