أعلن وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت أن بلاده على وشك التوصل إلى اتفاق مع حركة طالبان لتنظيم رحلات الترحيل "بشكل منتظم" إلى أفغانستان، ضمن سياسة ألمانية أكثر تشددًا تجاه الهجرة.
وقال دوبريندت في تصريحات صحفية: "المفاوضات متقدمة جدًا، ونتوقع الوصول إلى اتفاق قريبًا. نريد إجراء عمليات الترحيل بشكل منتظم، وليس فقط عن طريق رحلات خاصة، بل أيضًا عبر الرحلات التجارية".
منذ توليه منصبه في أيار/ مايو، وعد المستشار الألماني فريدريش ميرز بتسريع ترحيل طالبي اللجوء الأفغان المدانين بارتكاب جرائم في ألمانيا، رغم أن الحكومة الألمانية لا تعترف رسميًا بحكومة طالبان التي عادت إلى السلطة في آب/ أغسطس 2021.
وحتى الآن، نفذت ألمانيا رحلتين لترحيل الأفغان المدانين: 81 شخصًا في تموز/ يوليو، و28 شخصًا في صيف 2024، بمساعدة قطر التي كانت تعمل كوسيط. وفي أيلول/ سبتمبر، أعلنت وزارة الداخلية عن بدء محادثات مباشرة مع طالبان لتنظيم هذه الرحلات.
مفاوضات تقنية في كابول
أجرى موظفو وزارة الداخلية الألمانية في مطلع أكتوبر الجاري محادثات تقنية مع المسؤولين في كابول لتنظيم عمليات الترحيل. وأكد دوبريندت أنه مستعد للذهاب إلى كابول شخصيًا إذا تطلب الأمر، كما يرغب في تطبيق نفس النهج على سوريا، بعد تجميد طلبات اللجوء للمواطنين السوريين عقب سقوط نظام بشار الأسد.
ورغم أن الحكومة الألمانية تؤكد أن المحادثات مع طالبان "تقنية فقط"، وسط إصرار طالبان على الطابع السياسي، يشتبه بعض السياسيين الألمان، مثل مارسيل إميريش من حزب الخضر، بأن وزير الداخلية دوبريندت يشارك في "دبلوماسية سرية مع إرهابيين"، وطالب بالكشف عن أي اتفاقات مع طالبان، وهو ما رفضه دوبريندت واعتبره "نفاقًا".
إصلاحات الهجرة
تعمل الحكومة الألمانية الجديدة على إعادة صياغة سياسة الهجرة عبر تشديد قوانين اللجوء، واستئناف عمليات الترحيل، وإلغاء إجراءات الجنسية السريعة، حيث يصف مؤيدو هذه السياسات الأمر بأنه "تصحيح ضروري"، بينما يحذر منتقدوها من أنها قد تنتهك الحقوق وتفاقم نقص العمالة.
فحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحلفاؤه من الاشتراكيين الديمقراطيين يؤكدون أن هذه الإجراءات ستعيد السيطرة على الهجرة وسط دعوات عامة لنهج أكثر تحفظًا.
لكن هذه الإجراءات أثارت انتقادات حادة من الأحزاب المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان، فالنائبة إيرين ميهاليك من حزب الخضر اتهمت الحكومة بـ"إلغاء الإنسانية والتضامن"، محذرة من أن الحكومة تعمل على "أرض دستورية هشة".
أما كلارا بونجر خبيرة شؤون السياسة الداخلية في حزب اليسار، فقد وصفت الإجراءات بأنها "سباق أوروبي لاقتراح أشد القوانين ضد اللاجئين"، ووصفت السياسة بأنها "تحول استبدادي".
كما حذرت منظمات مثل Pro Asyl وAmnesty International وصندوق الأطفال الألماني من أن الإصلاحات قد تؤدي إلى احتجاز العائلات والأطفال في مراكز شبه مغلقة، أي شكل جديد من الاحتجاز الفعلي.
الضغط الاقتصادي ونقص العمالة
وتأتي هذه الإصلاحات في ظل تباطؤ النمو ونقص حاد في العمال المهرة، حيث تشير تقديرات المعهد الألماني لأبحاث التوظيف إلى شغل نحو 45٪ من الوظائف ذات المهارات في قطاعات الصحة والبناء والخدمات اللوجستية وتقنية المعلومات.
يحتاج الاقتصاد الألماني سنويًا إلى 280,000 – 400,000 مهاجر مؤهل لضمان استقرار قوة العمل على المدى الطويل، وتحذر جمعيات الأعمال من أن قوانين الجنسية واللجوء المشددة قد تثني المهنيين الدوليين عن اختيار ألمانيا، بينما تسهل دول منافسة إجراءات الهجرة لديها.
هل سيرتفع علم طالبان قريبًا في برلين؟
أظهرت تحقيقات قناة ARD أن طالبان، التي تحكم أفغانستان، تخطط لتغيير اسم السفارة الأفغانية في برلين ورفع علم "الإمارة الإسلامية الأفغانية"، الذي يحمل الشهادة "لا إله إلا الله ومحمد رسول الله" مكتوبة بالخط الأسود على خلفية بيضاء، وهو رمز للدولة التي أسستها طالبان بعد سيطرتها على أفغانستان في آب/ أغسطس 2021.

ووفقًا لمسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأفغانية، سيتم رفع العلم أمام مبنى السفارة في شارع تاونوس-غروينفالد، حيث يرفرف حاليًا علم الجمهورية الأفغانية. كما سيتم تغيير اسم السفارة.
الوضع القانوني والدولي
اسم "الجمهورية الإسلامية الأفغانية" هو الاسم المعترف به دوليًا منذ 2004، وبه عضوية الأمم المتحدة ومعظم الدول. أما "الإمارة الإسلامية الأفغانية" التي أعلنتها طالبان، فلا تعترف بها أي دولة إلا روسيا.
من جانبها، صرحت وزارة الخارجية الألمانية لقناة ARD بأن هذه الخطط غير معروفة لهم، وأنهم أوضحوا للأفغان توقعاتهم بأن تواصل السفارة استخدام اسم وعلم الجمهورية الإسلامية.
ومع ذلك، بحسب خبير القانون الدولي ماركوس كوتزور من جامعة هامبورغ، لا يوجد أساس قانوني يمنع دولة ذات سيادة من استخدام علمها أو اختيار اسمها الرسمي، وإن كان بإمكان ألمانيا قطع العلاقات أو إعلان موظفين معينين غير مرغوب فيهم، وهو أمر سياسيًا غير مرغوب حاليًا.