كييف تأمر بإخلاء قرى حدودية شمالي أوكرانيا وسط قصف روسي
شهدت الجبهات الشرقية في أوكرانيا خلال الأسبوع الأخير من كانون أول/ ديسمبر الجاري، تحولات ميدانية حاسمة، مع سيطرة القوات الروسية على 8 بلدات استراتيجية، في ما بدا تكتيكا مدروسا وصفه الخبراء بـ"القطف المتسلسل".
وكشفت بيانات الدفاع الروسية، أن القوات الروسية شنت خلال الفترة الأخيرة ضربة مكثفة و6 ضربات جماعية باستخدام أسلحة متقدمة، شملت صواريخ كينجال الباليستية فرط الصوتية، استهدفت المجمع الصناعي العسكري الأوكراني والبنى التحتية المرتبطة به.
وأعلنت الوزارة إسقاط 7 صواريخ مجنحة من طراز ستورم شادو، و21 قنبلة جوية موجهة، و6 قذائف من راجمات هيمارس الأمريكية، وصاروخ نيبتون بعيد المدى، إلى جانب تحييد 4 طائرات مسيرة نفاثة و1350 مسيرة أخرى خلال الأسبوع.
وفي أحدث تصريح له، أعلن رئيس هيئة الأركان العامة الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف السيطرة الكاملة على ميرنوغراد في دونيتسك ومدينة هوليايبول في زابوروجيا، مشيرًا إلى أن العمليات مستمرة وفق خطة محكمة لتحقيق مكاسب متدرجة.
وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن "كييف إذا لم ترغب في تسوية الوضع سلميا فستحل روسيا جميع المشكلات بالوسائل العسكرية".
ووفق البيانات، سيطرت روسيا خلال عام 2025 على 4,562 كيلومتراً مربعاً من الأراضي، محققة أكبر مكاسبها السنوية في نوفمبر بـ690 كيلومتراً مربعاً.
ويرى الخبراء أن روسيا تعتمد استراتيجية "القطف المتسلسل" للسيطرة على الأراضي الأوكرانية، من خلال هجوم منظم ومحاصرة القوات الأوكرانية واستهداف مراكز ثقلها، مستفيدًة من اختراقات استخباراتية دقيقة.
وأشار الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هذا التقدم الميداني السريع يضاعف الضغط على أوكرانيا، ويجبرها على تقديم تنازلات، في وقت يتراجع فيه الدور الأمريكي وتصر الدول الأوروبية على دعم كييف؛ ما يعكس هدف موسكو في فرض واقع جديد على الأرض قبل أي مفاوضات.
ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية أكد، أن هناك تقدما استراتيجيا ملحوظا تحققه القوات الروسية على عدة محاور، في إطار استراتيجية جديدة تتبناها وزارة الدفاع الروسية، تقوم على الهجوم المنظم ومحاصرة القوات الأوكرانية واستهداف مراكز ثقلها.
وكشف بريجع لـ"إرم نيوز" أن اختراقات أمنية مهمة قد حدثت خلال الفترة الماضية، وأسفرت عن سحب القوات الأوكرانية من بعض المواقع الحساسة، إضافة إلى فقدان معلومات بالغة الأهمية ومراكز تحكم رئيسة.
وأضاف بريجع أن اختيار شخصية على صلة بالمتطوعين الروس داخل القوات الأوكرانية لعب دورا مؤثرا في هذا السياق؛ ما مكّن موسكو من جمع معلومات استخباراتية دقيقة والاستفادة منها ميدانيا.
وأشار مدير وحدة الدراسات الروسية في موسكو، إلى أن هذه المعطيات ساهمت بشكل مباشر في تقدم القوات الروسية في مناطق مختلفة، مضيفا أن أوكرانيا باتت اليوم مجبرة على التوجه نحو إجراء انتخابات، في ظل حديث متزايد داخل البرلمان الأوكراني حول هذا الملف.
وقال إن الضغوط الخارجية، ولا سيما من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتصاعد باتجاه إجراء هذه الانتخابات، معتقدا أن هذا الضغط مرشح للازدياد خلال المرحلة المقبلة.
وأكد ديميتري بريجع، أن الخسائر الميدانية تتفاقم في عدة مناطق، من بينها إقليم الدونباس، إضافة إلى زابوروجيا وخيرسون، موضحا أن القوات الروسية تحقق تقدما ملحوظا هناك، حتى وإن كان وفق استراتيجية بطيئة ومدروسة.
وشدد بريجع على أن التقدم البطيء، رغم ما يحيط به من تحديات، يمنح روسيا فرصة لكسب مزيد من المناطق والأراضي داخل أوكرانيا، مبينا أن هذا النهج يسمح في نهاية المطاف بتجميع أوراق قوة إضافية يمكن الاستفادة منها سياسيا وعسكريا في المراحل اللاحقة.
من جانبه، أشار إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إلى أن روسيا تسعى إلى الاستعجال في عملية الاستحواذ على الأراضي الأوكرانية، معتبرا أن هذه الخطوة تمثل خيارا استراتيجيا واضحا في هذه المرحلة الدقيقة من الصراع.
وقال كابان لـ"إرم نيوز" إن الاستراتيجية الروسية تركز حاليا على توسيع السيطرة الميدانية أكثر من أي وقت مضى، في رسالة مباشرة من موسكو بأنها مستمرة في عملياتها العسكرية، وأن أي سلام محتمل يجب أن يكون وفق المعايير الروسية، وإلا فإنها ستواصل الانقضاض على ما تبقى من الأراضي التي تخطط للسيطرة عليها داخل أوكرانيا.
وأشار كابان إلى أن روسيا تمتلك، من الناحية العسكرية، القدرة على بسط سيطرتها على كامل الأراضي الأوكرانية، لافتا إلى أن تسريع العمليات في هذه المرحلة يهدف إلى تعزيز الموقف الروسي قبل الانتقال إلى مرحلة المفاوضات.
وأوضح مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، أن موسكو تسعى بعد ذلك إلى فرض واقع جديد يتمثل في إجبار كييف بالقبول ببعض الشروط الروسية؛ وهو ما يعكس جوهر الخطة الروسية، لا سيما في ظل تراجع الدور الأمريكي في مسار عملية السلام التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأضاف كابان أن هذه المبادرة قوبلت برفض أوروبي واضح؛ إذ لا ترغب الدول الأوروبية في التوقف عن دعم أوكرانيا، في الوقت الذي ترفض فيه كييف تقديم أي تنازلات إقليمية لصالح روسيا.
وقال إن روسيا تمارس حاليا سياسة السيطرة على المزيد من الأراضي والبلدات الأوكرانية، بهدف زيادة الضغوط على أوكرانيا ودفعها إلى تقديم تنازلات على طاولة المفاوضات.