الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

الكرملين يلوح بمعادلة تفاوض جديدة.. هل تصمد أوكرانيا أمام الضغوط الروسية؟

أضرار خلفتها الضربات الروسية على مدينة ماريوبول الساحلية ...المصدر: رويترز

رأى خبراء أن روسيا تطرح معادلة تفاوض تقوم على "الاستسلام لا السلام"، مستندة إلى شروط تتضمن حياد أوكرانيا والإقرار بالمناطق الخاضعة لسيطرتها مع احتمال توسعها مستقبلًا، وسط تزايد الضغوط على كييف سياسيًا وعسكريًا مع فتح ملفات الفساد وتراجع الدعم الغربي وانهيار الجبهات.

وبيّن الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الجانب الأوكراني يرفض المعادلة الروسية الجديدة تمامًا، وأن كييف تعتبرها "استسلاما فعليا"، مشيرين إلى أن موسكو رغم تقدمها المحدود لا تزال بعيدة عن تحقيق أهدافها، وتعاني بدورها من أزمات اقتصادية متفاقمة، وفي الوقت نفسه تراهن كييف على أن الانهيار الروسي سيأتي قبل تمكن الجيش الروسي من فرض شروطه على طاولة المفاوضات.

أخبار ذات علاقة

عناصر من القوات الروسية على خطوط المواجهة

روسيا تعلن السيطرة على بلدتين في زابوروجيا الأوكرانية

وكان الكرملين أكد أن أوكرانيا "ستضطر" عاجلًا أم آجلًا إلى التفاوض مع روسيا، محذرًا من أن موقف كييف سيزداد صعوبة "يومًا بعد يوم"، إلا أن كييف تدرك أن الكرملين يحاول فرض "معادلة تفاوض غير مناسبة" تقوم على إجبارها على القبول بالأمر الواقع، وأن أي تأخير في الجلوس إلى الطاولة سيؤدي إلى شروط أكثر صعوبة.

التجربة الكورية

وقال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود الأفندي، إن اللقاء الأخير في إسطنبول شهد تبادل مذكرات تفاهم بين موسكو وكييف، وضع خلالها كل طرف شروطه الخاصة.

وأكد لـ"إرم نيوز" أن الوثيقة الروسية جاءت مباشرة وصريحة، أقرب إلى "صيغة استسلام" منها إلى مقترح لمفاوضات سلام، وهو ما يخلط البعض بينه وبين مفهوم التسوية السياسية. 

ولفت الأفندي إلى أن مقولة "كل حرب تنتهي بالمفاوضات" ليست دقيقة دائمًا؛ فهناك حروب تختتم بمفاوضات استسلام لا بمفاوضات سلام، إلا إذا سبقها وقف لإطلاق النار وتجميد للصراع، كما حدث في التجربة الكورية.

وأضاف أن موسكو تطرح اليوم ما تسميه "مفاوضات استسلام" تتضمن حياد أوكرانيا الكامل، والإقرار بسيطرة روسيا على المناطق الموجودة تحت قبضتها، وهي مناطق بحسب ما لمح إليه مفاوضون روس مرشحة للاتساع مستقبلًا إلى 6 أو حتى 8 مناطق.

وبيّن الأفندي أن المشهد السياسي داخل أوكرانيا يزداد تعقيدًا، مع تصاعد مظاهر الإرهاق الغربي من استمرار الدعم، وفتح ملفات الفساد خلال الأيام الأخيرة بدعم مباشر من واشنطن، بما يكشف هشاشة داخلية في البنية السياسية الأوكرانية.

وأشار إلى أن الوضع العسكري يواجه هو الآخر تراجعًا حادًا على الجبهات، الأمر الذي تستخدمه موسكو كورقة ضغط لدفع كييف نحو القبول بصيغة الاستسلام قبل خسارة أراضٍ جديدة.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي

فاينانشال تايمز: أزمة الفساد في أوكرانيا تهدد جديًا "عرش" زيلينسكي

وأوضح أن المشكلة الجوهرية في أوكرانيا تتمثل في أن النظام الحالي "نظام حرب"، وأن القرار في كييف ليس مستقلًا بالكامل، بل يخضع لإرادة الأوروبيين، في ظل إصرار قوى مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا على استمرار المواجهة.

ونوه بأن أوكرانيا ستجد نفسها مدفوعة عاجلًا أو آجلًا إلى التفاوض، خصوصًا إذا تزايد انهيار جيشها واشتد نقص العتاد والموارد البشرية.

لعبة الضغط المتبادل

من جانبه، قال إيفان يواس، مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني، إن الكرملين لا يزال يطرح منذ بداية الحرب الشروط ذاتها تقريبًا، وهي شروط يصفها بأنها لا تمثل إلا "استسلامًا فعليًا لأوكرانيا"، الأمر الذي يجعلها غير مقبولة على الإطلاق من الجانب الأوكراني.

وأضاف يواس لـ"إرم نيوز" أن بعض التقدم العسكري الروسي لا يغير حقيقة أن الكرملين لا يزال بعيدًا جدًا عن تحقيق أهدافه، فضلًا عن تسارع وتيرة الانهيار الاقتصادي داخل روسيا، في الوقت الذي تواجه أوكرانيا تحديات اقتصادية أيضًا، لكنها تمتلك شركاء دوليين يساعدونها على تجاوزها، وهو ما تفتقر إليه موسكو، وفق تقديره.

وبيّن أن أوكرانيا لا ترى أي جدوى من القبول بالمطالب الروسية، مشيرًا إلى أن الهجمات الروسية المتواصلة على المدنيين والبنية التحتية للطاقة تقابلها كييف باستهداف ركائز الاقتصاد الروسي.

ولفت يواس إلى أن الرد الأوكراني يوضح أن كلا الطرفين يخوضان لعبة الضغط المتبادل، غير أن أوكرانيا باتت أكثر ثقة بأن الاقتصاد الروسي سينهار قبل أن يتمكن الجيش الروسي من تحقيق أي نجاح حاسم على الأرض، بحسب قراءته.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC