في أول خطاب له بعد فوزه بالانتخابات الفيدرالية، أطلق رئيس الوزراء الكندي مارك كارني لهجة تصادمية غير معهودة تجاه واشنطن.
وتعهد كارني بأن "كندا لن تكون الهامش التجاري للبيت الأبيض، ولا الحديقة الخلفية لأي رئيس أمريكي، مهما علا صوته أو لوّح بعقوباته".
وجاءت تصريحات كارني في توقيت حرج، مع تصاعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضم كندا، وهو ما يعيد فتح ملفات التهديدات الاقتصادية، و"حروب الرسوم الجمركية".
يقول أستاذ السياسات العامة في جامعة تورونتو، البروفيسور مايكل إيجلتون، إن "كارني لا يأتي من خلفية حزبية تقليدية، بل من مدرسة الحذر النقدي والصلابة الاقتصادية".
وأضاف إيجلتون لـ"إرم نيوز"، أن "قوة كارني تكمن في قدرته على تفكيك الشعارات الشعبوية بالأرقام والحقائق، وهو ما يحتاجه أي قائد كندي أمام ترامب. لن يرد بالصراخ، بل سيقود جبهة هادئة مدعومة من لوبيات أعمال أمريكية تعتمد على التبادل التجاري مع كندا".
وتابع: "بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تحتاج أوتاوا إلى زعيم يوازن بين رد الفعل السيادي والتفاوض الذكي. كارني يملك هذا التوازن. بإمكانه كبح أي اندفاع ترامبي من خلال حشد حلفاء من داخل النظام الأمريكي نفسه، من حكام ولايات وشركات متضررة من الحمائية".
ورأى أن "هذه المرة، لا يريد الكنديون رئيس وزراء يتوسل استثناءات من ترامب. كارني قادم بخبرة مالية عابرة للقارات، وبنبرة وطنية واضحة. إنه مستعد للاصطدام دبلوماسيًا وتجاريًا، لكن بذكاء تكنوقراطي".
وبحسب إيغلتون، فإن "كندا قد تلعب ورقة تحالفات بديلة، مثل تعميق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وإحياء مفاوضات آسيوية من أجل تقليل الاعتماد على السوق الأمريكية التي تبتلع أكثر من 70% من الصادرات الكندية".
بدورها، اعتبرت الخبيرة الاقتصادية جيل سيمور، من معهد "سي دي هاو" في مونتريال، أن "ترامب لطالما استخدم كندا ورقةً داخلية في خطابه القومي".
وقالت سيمور لـ"إرم نيوز" إن "كارني، بخلفيته الدولية، يدرك هذا تمامًا، لكنه يراهن على عقلانية بعض المؤسسات الأمريكية التي قد لا تسمح بانزلاق الأمور إلى مواجهة مباشرة".
وبخلاف ترودو الذي فضّل الهدوء في التعامل مع ترامب، يلمّح كارني إلى استراتيجية هجومية، قد تشمل فرض رسوم مضادة تلقائية، والطعن في ممارسات أمريكا أمام منظمة التجارة العالمية، وحشد لوبيات كندية داخل الكونغرس الأمريكي، خاصة من الولايات الحدودية.
وترجح الخبيرة الاقتصادية أن كارني قد يستخدم "اللغة الاقتصادية" للرد على "الشعبوية التجارية الترامبية"، مستفيدًا من صورته كخبير لا كمجرد سياسي تقليدي.
