الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
أصبح "جيش الروبوتات" الصيني واقعًا ملموسًا، لا مجرد خيال علمي، إذ تسيطر بكين على ثلثي براءات الاختراع العالمية في مجال الروبوتات، وتصدر شركاتها الرائدة روبوتات بشرية بتكلفة تعادل عُشر نظيراتها الأمريكية، وبكميات تفوقها بعشرة أضعاف.
ووفق تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"، فإن هذه الحقائق ليست تنبؤات بعيدة، بل إشارات واضحة إلى نجاح بكين في السيطرة على البنية التحتية للاقتصاد الآلي، معتبرة أن الفشل في أخذ هذا السباق على محمل الجد، يعني السماح للصين بوضع قواعد المستقبل، ما يهدد بتآكل القوة الأمريكية.
وتُعد الروبوتات أمرًا حاسمًا للأمن القومي الأمريكي، إذ لا تقتصر على تعزيز الكفاءة الصناعية أو تحقيق أرباح من الأجهزة الاستهلاكية، بل إنها تعيد تشكيل الهيكل المستقبلي للقوة الاقتصادية والعسكرية.
وتتوقع تقارير بنوك ومراكز أبحاث أن يصل سوق الآلات والخدمات ذات الصلة إلى 7 تريليونات دولار بحلول 2050، مع عالم يضم مئات الملايين من الروبوتات الشبيهة بالبشر، فيما يعزز التراجع الديموغرافي والتقدم في الذكاء الاصطناعي الطلب على "الذكاء المتجسد"، خاصة في ظل ندرة العمالة اليدوية.
وأدركت الصين هذا الواقع مبكرًا، إذ جعل الرئيس شي جين بينغ الروبوتات ركيزة لنموذج الاقتصاد في العشرينيات من هذا القرن، وضمنت الخطة الخمسية الرابعة عشرة "الروبوتات والتصنيع الذكي" كأساس للابتكار، بهدف جعل بكين مركزًا عالميًا وقائدًا بحلول 2035.
وبين 2013 و2022، أضافت الجامعات الصينية أكثر من 7500 تخصص هندسي، مع 100 تركيز على الروبوتات، إذ يفوق الناتج الأكاديمي الصيني الإسهامات الأمريكية في مؤتمرات الروبوتات الرئيسة، فيما تمتلك مؤسساتها أكثر من 190 ألف براءة اختراع، أي ثلثي الإجمالي العالمي، كما أن بكين موطن لأكثر من نصف أفضل شركات الروبوتات البشرية.
كما شهدت الصين استخدام دعم حكومي هائل وإغراق الأسواق؛ لسحق المنافسين في مجالات مثل الجيل الخامس، والطاقة الشمسية، والبطاريات، والطائرات بدون طيار.
ويرى تقرير "ناشيونال إنترست" أن الروبوتات ليست سوقًا عاديًا، إذ إن إغراقها بالمنتجات يمنح بكين تدفق بيانات حاسمة للتعلم الآلي، مترجمة إلى قدرات عسكرية مثل حرب المدن وجمع الاستخبارات.
وتمثل الروبوتات تقاطع الطموحات التجارية والعسكرية الصينية، فالمصانع التي تنتج روبوتات التوصيل يمكنها صنع روبوتات قتالية بسهولة، والمهندسون يطورون برمجيات الاستهداف، إذ يصف محللو جيش التحرير الروبوتات بـ"الحلقة الرئيسة" في الحروب الذكية.
وأمام هذا التفوق الصيني"الكاسح"، ترى "ناشيونال إنترست" أن أمام إدارة الرئيس دونالد ترامب فرصة محدودة للعودة للمنافسة، ففي يوليو/ تموز الماضي، صدرت "خطة عمل أمريكا للذكاء الاصطناعي"، التي تضم 90 نقطة لتعزيز الريادة ومواجهة الصين.
وشملت أوامر تنفيذية لإزالة العوائق وتعزيز الاستثمار، مع تركيز على تقييد الشركات الصينية، مع دعوات لتسهيل استيراد مكونات من اليابان وكوريا الجنوبية، وتسريع الاستثمار الخاص عبر زيادة تمويل الشركات الناشئة.
كما دعت الخطة إلى توسيع مسارات المواهب العالمية عبر تأشيرات لرواد الأعمال، وإنشاء "مناطق تصنيع متقدمة" بحوافز ضريبية وتصاريح سريعة.
لكن مع "التسارع" الصيني، تخلُص المجلة إلى أن أمريكا، رغم امتلاكها لجامعات عالمية وأسواق رأس مال، إلا أن ميزتها تتآكل أمام اندفاع بكين، معتبرة أن "عدم جدية" واشنطن يعني السماح لمنافستها بصياغة الاقتصاد الآلي، ما يهدد بـ "صدأ القوة الأمريكية".