استخدم الجيش الإسرائيلي تكتيكات جديدة لقتل الفلسطينيين وتدمير بيوتهم خلال الحرب على قطاع غزة، برزت منها الروبوتات المفخخة وطائرات "الكواد كابتر"، التي تحولت إلى "ثنائي موت" يطارد الفلسطينيين ويدفعهم للنزوح قسرًا من منازلهم.
وحقق الجيش الإسرائيلي من استخدام هذه التكتيكات أكبر قدر ممكن من التدمير والقتل، وتقليل الاحتكاك مع عناصر الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، لتقليل الخسائر في صفوف قواته، خاصة مع دخوله قلب المدن الرئيسية.
تحدث محمد البنا (30 عامًا) عن تفاصيل الرعب الذي يعيشه مع أسرته، في حيّ الصبرة جنوبي مدينة غزة: "كان بيني وبين الموت لحظة واحدة، انفجارات عنيفة تهز الأرض تحتنا، وشظايا ضخمة تتساقط فوق رؤوسنا، وأسلحة لا نراها يستخدمها الاحتلال لقتلنا".
ويشير البنا إلى الروبوتات المفخخة والطائرات المسيّرة "كواد كابتر" رخيصة الثمن التي زودها الجيش الإسرائيلي برشاشات آلية، وإمكانية إلقاء قنابل من الجو.
وأضاف لـ"إرم نيوز": "يحاول الاحتلال بشتى الوسائل أن يقتلنا في غزة، يريد أن يُخيفنا وأن ننزح إلى الجنوب، لكن لا نملك مكانًا نلجأ إليه، كما لا يوجد أمان في أي مكان بغزة".
ومنذ 13 أغسطس/ آب 2025 المنصرم، شرع الجيش الإسرائيلي في هجوم عسكري داخل مدينة غزة، قبل أن يعلن الأربعاء توسيع العملية لتشمل احتلال كامل المدينة.
وتقول شيماء بسام (29 عامًا)، من جباليا، لـ"إرم نيوز": "كان الوقت متأخرًا من الليل حين سمعت أصوات النساء والرجال يهربون لمسافات مرددين أن الجيش الإسرائيلي زرع روبوتًا يبعد عنا مسافة كنت أحسبها آمنة".

وتستدرك: "لم يمضِ الكثير حتى حدث انفجار ضخم هز المنطقة بأكملها، ووجدت نفسي تحت ركام حائط غرفتي، أُصبت بقدمي وفقدت سمعي في أذن واحدة ليومين، وكان أمرًا طبيعيًا وفق الطبيب، صُعقت من قوة التفجير، نزحنا جنوبًا وبعد يومين فجر روبوت آخر دمّر منزلنا مع عدد من منازل الحي".
ويقول المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن "الروبوتات هي ناقلات جند أمريكية الصنع من طراز (إم 113)، حوّلها الجيش الإسرائيلي بعد إخراجها من الخدمة إلى روبوتات مفخخة تحمل كل واحدة منها ما لا يقل عن 7 أطنان من المتفجرات، ويوجّهها لتنفجر وسط الأحياء المكتظة".
وأضاف: "الاستخدام المنهجي للعربات المفخخة على النحو القائم، للتدمير والتهجير، يحولها إلى أداة مباشرة لارتكاب فعل إبادة جماعية، فهذا النمط يدخل ضمن الأفعال المعرّفة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وبالأخص تعمد فرض ظروف معيشية يُقصد بها إهلاك الجماعة كليًا أو جزئيًا"، بحسب بيان.
وبحسب محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، فإن "الاحتلال يستخدم الروبوتات التي تحدث موجات انفجارية بقوة هائلة، لتدمير أكبر قدر ممكن من منازل المواطنين الفلسطينيين في مدينة غزة ودفعهم للنزوح قسرًا".
وقال بصل لـ"إرم نيوز": "الروبوتات تحدث موجات انفجارية قطرها يزيد على 500 متر بقوة تدميرية هائلة نتيجة استخدام أطنان من المواد المتفجرة"، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي زاد من وتيرة استخدامه لها منذ بدء اجتياح مدينة غزة.
وبحسب ما أفاد نوح الشغنوبي، وهو أحد عناصر الدفاع المدني، لـ"إرم نيوز"، فإن "الجيش الإسرائيلي باستخدامه الروبوتات والقذائف وإلقاء القنابل من طائرات الكواد كابتر في محيط هذه المناطق، أرهب المواطنين، وأجبرهم على النزوح خوفًا من الشظايا التي تتناثر، وتتسبب بتدمير عدد كبير من المباني والعمارات".
من جانبه، أشار أمجد الشوا، رئيس المنظمات الأهلية في قطاع غزة، إلى أن "ما يحدث من تصعيد وحصار في غزة واستخدام العربات المتفجرة لتفجير أحياء بأكملها وفرض نزوح سكانها يفاقم الأوضاع المتدهورة أصلًا في القطاعات كافة"، بحسب ما تحدث لـ"إرم نيوز".
ومن ضمن الأساليب التي استخدمها الجيش الإسرائيلي خلال حربه في غزة، الطائرات المسيرة الصغيرة "الكواد كابتر" التي حولها من أدوات تصوير ومراقبة إلى أسلحة فتّاكة للقتل وإصدار أوامر الإخلاء.
وفي حي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة، تروي مرام خالد (42 عامًا) تفاصيل الرعب اليومي الذي تعيشه داخل خيمة نصبتها في مخيم للنزوح، مع 5 من أطفالها.
وقالت، لـ"إرم نيوز": "الرعب الحقيقي ليس من القصف وحده، بل من الروبوتات المفخخة، والطائرات الصغيرة الكواد كابتر، التي لا تتوقف عن التحليق فوقنا، تطلق النار وترعب طفلي الصغير الذي تملكته الكوابيس".
ومنذ أسابيع، تعيش العائلة كهدف مكشوف، على وقع أصوات الرعب، فقد باتت الطائرات المسيرة سلاحًا لبث الهلع، مضيفة: "لا تتوقف الكواد كابتر عن التحليق فوقنا كل ليلة، تطلق النار وتصرخ بمكبرات الصوت، تهددنا وتطالبنا بالرحيل جنوبًا".
ويصف أحمد شبير (53 عامًا) مشهد الرعب اليومي، من منطقة أرض الشنطي في حي الشيخ رضوان، قائلًا: "لدى الجيش الإسرائيلي أساليب كثيرة تغنيه عن إرسال الدبابات أو الجنود، يدخلون كل شارع وحارة دون ردع".
ويتحدث شبير عن "الكواد كابتر" التي تحوم مزودة بمكبرات الصوت فوق المنازل والخيام، تطلب من السكان الإخلاء فورًا، مهددة إياهم بالموت إن لم يستمعوا لتعليماتها، مضيفًا: "أدوات ترعبنا وتخيفنا بكل معنى الكلمة".
وبحسب القناة السابعة العبرية، فإن طائرات "الكواد كابتر" هي طائرات صينية الصنع، وتمت صناعتها لأغراض تجارية، من بينها توصيل الطلبات لبعض المنتجات، لكن الجيش الإسرائيلي طورها، وزودها برشاش آلي، وإمكانية إلقاء قنابل من الجو، أو توجيه رسائل للفلسطينيين عبر مكبرات صوت تحملها.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنّ "الأسلحة المذكورة تُدرَج ضمن فئة الأسلحة المحظورة، واستخدامها في المناطق السكنية يشكّل جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية؛ لما ينتج عنها من قتل واسع، أو تهجير قسري، أو حرمان من شروط الحياة الأساسية".