يرى خبيران مختصان بقضايا الهجرة والأمن الأوروبي أن الاتفاق الجديد بين فرنسا وبريطانيا يعكس موازنة دقيقة بين البعد الإنساني والأمني، لكنه يثير تساؤلات حول الاستدامة والعدالة داخل الإطار الأوروبي.
وأطلقت بريطانيا وفرنسا مشروعاً تجريبياً لكسر شبكات المهربين والحد من المآسي البحرية، بموجب الاتفاق، الذي سيعيد اللاجئين الذين يصلون بطرق غير قانونية إلى المملكة المتحدة عبر قوارب صغيرة إلى فرنسا، بينما ستستقبل لندن من فرنسا بعض الأشخاص أصحاب الشروط الخاصة.
وقالت الباحثة في مركز البحوث السياسي المتخصصة في الهجرة الدولية وحقوق اللاجئين، كاثرين ويهول دو ويندين، إن الاتفاق يشكل محاولة أولى جيدة لتقديم بدائل لعبور البحر المميت وتقليل خطر فقدان الأرواح، لا سيما أن سنة 2024 شهدت أعلى عدد من الوفيات في مسار المانش.
وأشارت، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أنه "يمكن لهذه التجربة أن تقدم نموذجاً للتعاون العملي بين دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي، إذا ما التزم بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، واحُترمت فيه آليات الوصول للجوء القانوني".
وحذّرت الباحثة ويندين من أن الاتفاق لا يعالج الأسباب الجذرية للهجرة، ولا يوفر مخرجاً طويل الأمد، بل يشجّع على تعزيز "مسارات لجوء آمنة وقانونية" بالتوازي مع محاربة شبكات التهريب من المصدر.
من جهته، قال الدكتور كريستوف بيرتوسي، عالم اجتماع وسياسي متخصص في قضايا التمييز والمواطنة، بمركز الدراسات الأوروبية، إن الاتفاق قد يكون أداة فعالة إذا ما رافقته آليات رقابة صارمة داخلية وإرادة سياسية لتعزيز الخدمات الاجتماعية للاجئين في فرنسا، حتى لا يتحول إلى وسيلة "لإعادة التصدير".
وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن "التحفيز للعودة هو خطوة أولى، لكن لا بد من ضمان أن من يُعاد إلى فرنسا لا يُترك دون أي دعم، ويُدمج في المجتمع ليخفض الإغراءات بالرحيل ثانيةً".
وأشار الدكتور بيرتوسي إلى أن ضعف التنسيق الأوروبي والغياب الطويل لحل شامل يجعل كل اتفاق ثنائي هشًا، وينتهي بصبّ العبء على دول مثل فرنسا فقط.
وأعلنت لندن أن أول من تم توقيفهم بعد العبور سيُحتجزون في مراكز احتجاز، تمهيداً لترحيلهم، وأن المملكة المتحدة تتحمّل تكاليف النقل بالكامل في كلا الاتجاهين.
والاتفاق، الذي يقتضي نظام "واحد مقابل واحد" (One-in, one-out)، صُمم لخدمة أهداف عملية وأمنية وإنسانية، وسيستمر حتى يونيو 2026 مع إمكانية تقييمه وتعديله شهرياً.